مكتبة العلوم الشاملة

false EN-GB X-NONE AR-SA ath"/>

مكتبة العلوم الشاملة

https://sluntt.blogspot.com/

 

الثلاثاء، 8 فبراير 2022

* رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه

ويكي مصدر * رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه
مؤلفات ابن القيم — ابن قيم الجوزية
رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه



الله المسؤول المرجو الإجابة أن يحسن إلى الأخ علاء الدين في الدنيا والآخرة وينفع به ويجعله مباركا أينما كان فإن بركة الرجل تعليمه للخير حيث حل ونصحه لكل من اجتمع به قال الله تعالى إخبارا عن المسيح وجعلني مباركا أين ما كنت أي معلما للخير داعيا إلى الله مذكرا به مرغبا في طاعته فهذا من بركة الرجل ومن خلا من هذا فقد خلا من البركة ومحقت بركة لقائه والاجتماع به بل تمحق بركة من لقيه واجتمع به فإنه يضيع الوقت في الماجريات ويفسد القلب وكل آفة تدخل على العبد فسببها ضياع الوقت وفساد القلب وتعود بضياع حظه من الله ونقصان درجته ومنزلته عنده ولهذا وصى بعض الشيوخ فقال احذروا مخالطة من تضيع مخالطته الوقت وتفسد القلب فإنه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد أموره كلها وكان ممن قال الله فيه ولاتطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا

ومن تأمل حال هذا الخلق وجدهم كلهم إلا أقل القليل ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى واتبعوا أهواءهم وصارت أمورهم ومصالحهم فرطا أي فرطوا فيما ينفعهم ويعود بصلاحهم واشتغلوا بما لا ينفعهم بل يعود بضررهم عاجلا وآجلا. وهؤلاء قد أمر الله سبحانه رسوله ألا يطيعهم فطاعة الرسول لا تتم إلا بعدم طاعة هؤلاء فإنهم إنما يدعون إلى ما يشاكلهم من اتباع الهوى والغفلة عن ذكر الله.

والغفلة عن الله والدار الآخرة متى تزوجت باتباع الهوى تولد ما بينهما كل شر وكثيرا ما يقترن أحدهما بالآخرة ولا يفارقه.

ومن تأمل فساد أحوال العالم عموما وخصوصا وجده ناشئا عن هذين الأصلين فالغفلة تحول بين العبد وبين تصور الحق ومعرفته والعلم به فيكون من الضالين واتباع الهوى يصده عن قصد الحق وإرادته واتباعه فيكون من المغضوب عليهم. وأما المنعم عليهم فهم الذين من الله عليهم بمعرفة الحق علما وبالانقياد إليه وإيثاره على ما سواه عملا وهؤلاء هم الذين على سبيل النجاة ومن سواهم على سبيل الهلاك ولهذا أمرنا الله سبحانه أن نقول كل يوم وليلة عدة مرات اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

فإن العبد مضطر كل الاضطرار إلى أن يكون عارفا بما ينفعه في معاشه ومعاده وأن يكون مؤثرا مريدا لما ينفعه مجتنبا لما يضره فبمجموع هذين يكون قد هدي إلى الصراط المستقيم فإن فاته معرفة ذلك سلك سبيل الضالين وإن فاته قصده واتباعه سلك سبيل المغضوب عليهم وبهذا يعرف قدر هذا الدعاء العظيم وشدة الحاجة إليه وتوقف سعادة الدنيا والآخرة عليه.

والعبد مفتقر إلى الهداية في كل لحظة ونفس في جميع ما يأتيه ويذره فإنه بين أمور لا ينفك عنها

أحدها أمور قد أتاها على غير وجه الهداية جهلا فهو محتاج إلى أن يطلب الهداية إلى الحق فيها،

أو يكون عارفا بالهداية فيها فأتاها على غير وجهها عمدا فهو محتاج إلى التوبة منها،

أو أمور لم يعرف وجه الهداية فيها علما ولا عملا ففاتته الهداية إلى علمها ومعرفتها وإلى قصدها وإرادتها وعملها،

أو أمور قد هدي إليها من وجه دون وجه فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها،

أو أمور قد هدي إلى أصلها دون تفاصيلها فهو محتاج إلى هداية التفصيل،

أو طريق قد هدي أليها وهو محتاج إلى هداية أخرى فيها فالهداية إلى الطريق شيء والهداية في نفس الطريق شيء آخر. ألا ترى أن الرجل يعرف أن طريق البلد الفلاني هو طريق كذا وكذا ولكن لا يحسن أن يسلكه فإن سلوكه يحتاج إلى هداية خاصة في نفس السلوك كالسير في وقت كذا دون وقت كذا وأخذ الماء في مفازة كذا مقدار كذا والنزول في موضع كذا دون كذا، فهذه هداية في نفس السير قد يهملها من هو عارف بأن الطريق هي هذه فيهلك وينقطع عن المقصود. وكذلك أيضا ثم أمور هو محتاج إلى أن يحصل له فيها من الهداية في المستقبل مثل ما حصل له في الماضي

وأمور هو خال عن اعتقاد حق أو باطل فيها فهو محتاج إلى هداية الصواب فيها

وأمور يعتقد أنه فيها على هدى وهو على ضلالة ولا يشعر فهو محتاج إلى انتقاله عن ذلك الاعتقاد بهداية من الله

وأمور قد فعلها على وجه الهداية وهو محتاج إلى أن يهدي غيره إليها ويرشده وينصحه فإهماله ذلك يفوت عليه من الهداية بحسبه كما أن هدايته للغير وتعليمه ونصحه يفتح له باب الهداية فإن الجزاء من جنس العمل فكلما هدى غيره وعلمه هداه الله وعلمه فيصير هاديا مهديا كما في دعاء النبي الذي رواه الترمذي وغيره: « اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين سلما لأوليائك حربا لأعدائك نحب بحبك من أحبك ونعادي بعداوتك من خالفك ».

وقد أثنى الله سبحانه على عباده المؤمنين الذين يسألونه أن يجعلهم أئمة يهتدى بهم فقال تعالى في صفات عباده { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما } قال ابن عباس: يهتدى بنا في الخير وقال أبو صالح: يقتدى بهدانا وقال مكحول: أئمة في التقوى يقتدي بنا المتقون وقال مجاهد: اجعلنا مؤتمين بالمتقين مقتدين بهم. وأشكل هذا التفسير على من لم يعرف قدر فهم السلف وعمق علمهم وقال يجب أن تكون الآية على هذا القول من باب المقلوب على تقدير واجعل المتقين لنا أئمة ومعاذ الله أن يكون شيء مقلوبا على وجهه وهذا من تمام فهم مجاهد رحمه الله فإنه لا يكون الرجل إماما للمتقين حتى يأتم بالمتقين فنبه مجاهد على هذا الوجه الذي ينالون به هذا المطلوب وهو اقتداؤهم بالسلف المتقين من قبلهم فيجعلهم الله أئمة للمتقين من بعدهم وهذا من أحسن الفهم في القرآن وألطفه ليس من باب القلب في شيء، فمن ائتم بأهل السنة قبله ائتم به من بعده ومن معه.

ووحد سبحانه لفظ إماما ولم يقل واجعلنا للمتقين أئمة فقيل الإمام في الآية جمع آم نحو صاحب وصحاب وهذا قول الأخفش وفيه بعد وليس هو من اللغة المشهورة المستعملة المعروفة حتى يفسر بها كلام الله، وقال آخرون الإمام هنا مصدر لا اسم يقال أم إماما نحو صام صياما وقام قياما أي اجعلنا ذوي إمام وهذا أضعف من الذي قبله، وقال الفراء إنما قال إماما ولم يقل أئمة على نحو قوله إنا رسول رب العالمين ولم يقل رسولا وهو من الواحد المراد به الجمع لقول الشاعر:

يا عاذلاتي لا تردن ملامتي ** إن العواذل ليس لي بأمير

أي ليس لي بأمراء

وهذا أحسن الأقوال غير أنه يحتاج إلى مزيد بيان وهو أن المتقين كلهم على طريق واحد ومعبودهم واحد وأتباع كتاب واحد ونبي واحد وعبيد رب واحد فدينهم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد ومعبودهم واحد فكأنهم كلهم إمام واحد لمن بعدهم ليسو كالأئمة المختلفين الذين قد اختلفت طرائقهم ومذاهبهم وعقائدهم فالائتمام إنما هو بما هم عليه وهو شيء واحد وهو الإمام في الحقيقة.
فصل

وقد أخبر سبحانه أن هذه الإمامة إنما تنال بالصبر واليقين فقال تعالى { وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون }

فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين

فقيل بالصبر عن الدنيا، وقيل بالصبر على البلاء، وقيل بالصبر عن المناهي.

والصواب أنه بالصبر عن ذلك كله: بالصبر على أداء فرائض الله والصبر عن محارمه والصبر على أقداره.

وجمع سبحانه بين الصبر واليقين إذ هما سعادة العبد وفقدهما يفقده سعادته فإن القلب تطرقه طوارق الشهوات المخالفة لأمر الله وطوارق الشبهات المخالفة لخبره فبالصبر يدفع الشهوات وباليقين يدفع الشبهات فإن الشهوة والشبهة مضادتان للدين من كل وجه فلا ينجو من عذاب الله إلا من دفع شهواته بالصبر وشبهاته باليقين ولهذا أخبر سبحانه عن حبوط أعمال أهل الشهوات والشبهات فقال تعالى { كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا } فهذا الاستمتاع بالخلاق هو استمتاعهم بنصيبهم من الشهوات ثم قال { وخضتم كالذي خاضوا } وهذا هو الخوض بالباطل في دين الله وهو خوض أهل الشبهات ثم قال: { أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون } فعلق سبحانه حبوط الأعمال والخسران باتباع الشهوات الذي هو الاستمتاع بالخلاق وباتباع الشبهات الذي هو الخوض بالباطل.
فصل

وكما أنه سبحانه علق الإمامة في الدين بالصبر واليقين فالآية متضمنة لأصلين آخرين:

أحدهما الدعوة إلى الله وهداية خلقه

الثاني هدايتهم بما أمر به على لسان رسوله لا بمقتضى عقولهم وآرائهم وسياساتهم وأذواقهم وتقليد أسلافهم بغير برهان من الله لأنه قال يهدون بأمرنا.

فهذه أربعة أصول تضمنتها هذه الآية:

أحدها الصبر وهو حبس النفس عن محارم الله وحبسها على فرائضه وحبسها عن التسخط والشكاية لأقداره

الثاني اليقين وهو الإيمان الجازم الثابت الذي لا ريب فيه ولا تردد ولا شك ولا شبهة بخمسة أصول ذكرها سبحانه في قوله تعالى { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من ءامن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين }... وفي قوله { ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا } وفي قوله { ءامن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل ءامن بالله وملائكته وكتبه ورسله } والإيمان بالله واليوم الآخر داخل في الإيمان بالكتب والرسل.

وجمع بينهما النبي في حديث عمر في قوله: « الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ».

فهذه الأصول الخمس من لم يؤمن بها فليس بمؤمن واليقين أن يقوم الإيمان بها حتى تصير كأنها معاينة للقلب مشاهدة له نسبتها إلى البصيرة كنسبة الشمس والقمر إلى البصر ولهذا قال من قال من السلف: اليقين الإيمان كله.

الثالث هداية الخلق ودعوتهم إلى الله ورسوله. قال تعالى { ومن أحسن قولا ممن دعا إلي الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين }، قال الحسن البصري: هذا حبيب الله، هذا ولي الله، أسلم لله وعمل بطاعته ودعا الخلق إليه. فهذا النوع أفضل أنواع الإنسان وأعلاهم درجة عند الله يوم القيامة وهم ثنية الله سبحانه من الخاسرين. قال تعالى: { والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } فأقسم سبحانه على خسران نوع الإنسان إلا من كمل نفسه بالإيمان والعمل الصالح وكمل غيره بوصيته له بهما. ولهذا قال الشافعي رحمه الله: لو فكر الناس كلهم في سورة العصر لكفتهم.

ولا يكون من أتباع الرسول على الحقيقة إلا من دعا إلى الله على بصيرة. قال الله تعالى: { قل هذه سبيلي أدعو إلي الله على بصيرة أنا ومن اتبعني }. فقوله أدعو إلى الله تفسير لسبيله التي هو عليها، فسبيله وسبيل أتباعه الدعوة إلى الله فمن لم يدع إلى الله فليس على سبيله.

وقوله على بصيرة، قال ابن الأعرابي البصيرة الثبات في الدين، وقيل البصيرة العبرة كما يقال أليس لك في كذا بصيرة أي عبرة قال الشاعر:

في الذاهبين الأولين ** من القرون لنا بصائر

والتحقيق العبرة ثمرة البصيرة فإذا تبصر اعتبر فمن عدم العبرة فكأنه لا بصيرة له. وأصل اللفظ من الظهور والبيان فالقرآن بصائر أي أدلة وهدى وبيان يقود إلى الحق ويهدي إلى الرشد، ولهذا يقال للطريقة من الدم التي يستدل بها على الرمية بصيرة.

فدلت الآية أيضا على أن من لم يكن على بصيرة فليس من أتباع الرسول وأن أتباعه هم أولو البصائر ولهذا قال { أنا ومن اتبعني } فإن كان المعنى أدعو إلى الله أنا ومن اتبعني ويكون من اتبعني معطوفا على الضمير المرفوع في أدعو وحسن العطف لأجل الفصل فهو دليل على أن أتباع الرسول هم الذين يدعون إلى الله وإلى رسوله، وإن كان معطوفا على الضمير المجرور في سبيلي أي هذه سبيلي وسبيل من اتبعني فكذلك. وعلى التقديرين فسبيله وسبيل أتباعه الدعوة إلى الله.

الأصل الرابع قوله يهدون بأمرنا وفي ذلك دليل على اتباعهم ما أنزل الله على رسوله وهدايتهم به وحده دون غيره من الأقوال والآراء والنحل والمذاهب بل لا يهدون إلا بأمره خاصة. فحصل من هذا أن أئمة الدين الذين يقتدون بهم هم الذين جمعوا بين الصبر واليقين والدعوة إلى الله بالسنة والوحي لا بالآراء وبالبدع فهؤلاء خلفاء الرسول في أمته وهم خاصته وأولياؤه ومن عاداهم أو حاربهم فقد عادى الله سبحانه وآذنه بالحرب.

قال الإمام أحمد رحمه الله في خطبة كتابه في الرد على الجهمية: الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان الفتنة فهم يختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن المضلين.
فصل

ومما ينبغي الاعتناء به علما ومعرفة وقصدا وإرادة العلم بأن كل إنسان بل كل حيوان إنما يسعى فيما يحصل له اللذة والنعيم وطيب العيش ويندفع به عنه أضداد ذلك وهذا مطلوب صحيح يتضمن ستة أمور:

أحدها معرفة الشيء النافع للعبد الملائم له الذي بحصوله لذته وفرحه وسروره وطيب عيشه

الثاني معرفة الطريق الموصلة إلى ذلك

الثالث سلوك تلك الطريق

الرابع معرفة الضار المؤذي المنافر الذي ينكد عليه حياته

الخامس معرفة الطريق التي إذا سلكها أفضت به إلى ذلك

السادس تجنب سلوكها

فهذه ستة أمور لا تتم لذة العبد وسروره وفرحه وصلاح حاله إلا باستكمالها وما نقص منها عاد بسوء حاله وتنكيد حياته وكل عاقل يسعى في هذه الأمور لكن أكثر الناس غلط في تحصيل هذا المطلوب المحبوب النافع إما في عدم تصوره ومعرفته وإما في عدم معرفته الطريق الموصلة إليه. فهذان غلطان سببهما الجهل ويتخلص منهما بالعلم.

وقد يحصل له العلم بالمطلوب والعلم بطريقه لكن في قلبه إرادات وشهوات تحول بينه وبين قصد هذا المطلوب النافع وسلوك طريقه فكلما أراد ذلك اعترضته تلك الشهوات والإرادات وحالت بينه وبينه وهو لا يمكنه تركها وتقديم هذا المطلوب عليها إلا بأحدأمرين:

إما حب متعلق وإما فرق مزعج، فيكون الله ورسوله والدار الآخرة والجنة ونعيمها أحب إليه من هذه الشهوات ويعلم أنه لا يمكنه الجمع بينهما فيؤثر أعلى المحبوبين على أدناهما، وإما أن يحصل له علم ما يترتب على إيثار هذه الشهوات من المخاوف والآلام التي ألمها أشد ألم فوات هذه الشهوات وأبقى فإذا تمكن من قلبه هذان العلمان أنتجا له إيثار ما ينبغي إيثاره وتقديمه على ما سواه فإن خاصية العقل إيثار أعلى المحبوبين على أدناهما واحتمال أدنى المكروهين ليتخلص به من أعلاهما.

وبهذا الأصل تعرف عقول الناس وتميز بين العاقل وغيره ويظهر تفاوتهم في العقول فأين عقل من آثر لذة عاجلة منغصة منكدة إنما هي كأضغاث أحلام أو كطيف يمتع به من زائره في المنام على لذة هي من أعظم اللذات وفرحة ومسرة هي من أعظم المسرات دائمة لا تزول ولا تفنى ولا تنقطع فباعها بهذه اللذة الفانية المضمحلة التي حشيت بالآلام وإنما حصلت بالآلام وعاقبتها الآلام؟ فلو قايس العاقل بين لذتها وألمها ومضرتها ومنفعتها لاستحيا من نفسه وعقله كيف يسعى في طلبها ويضيع زمانه في اشتغاله بها فضلا عن إيثارها على ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

وقد اشترى سبحانه من المؤمنين أنفسهم وجعل ثمنها جنته وأجرى هذا العقد على يد رسوله وخليله وخيرته من خلقه. فسلعة رب السموات والأرض مشتريها والتمتع بالنظر إلى وجهه الكريم وسماع كلامه منه في داره ثمنها ومن جرى العقد على يد رسوله كيف يليق بالعاقل أن يضيعها ويهملها ويبيعها بثمن بخس في دار زائلة مضمحلة فانية وهل هذا إلا من أعظم الغبن وإنما يظهر له هذا الغبن الفاحش يوم التغابن إذا ثقلت موازين المتقين وخفت موازين المبطلين.
فصل

إذا عرفت هذه المقدمة فاللذة التامة والفرح والسرور وطيب العيش والنعيم إنما هو في معرفة الله وتوحيده والأنس به والشوق إلى لقائه واجتماع القلب والهم عليه فإن أنكد العيش عيش من قلبه مشتت وهمه مفرق فليس لقلبه مستقر يستقر عنده ولا حبيب يأوي إليه ويسكن إليه كما أفصح القائل عن ذلك بقوله:

وما ذاق طعم العيش من لم يكن له ** حبيب إليه يطمئن ويسكن

فالعيش الطيب والحياة النافعة وقرة العين في السكون والطمأنينة إلى الحبيب الأول ولو تنقل القلب في المحبوبات كلها لم يسكن ولم يطمئن إلى شيء منها ولم تقر به عينه حتى يطمئن إلى إلهه وربه ووليه الذي ليس له من دونه ولي ولا شفيع ولا غنى له عنه طرفة عين كما قال القائل:

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ** ما الحب إلا للحبيب الأول

كم منزل في الأرض يألفه الفتى ** وحنينه أبدا لأول منزل

فاحرص أن يكون همك واحدا وأن يكون هو الله وحده فهذا غاية سعادة العبد وصاحب هذه الحال في جنة معجلة قبل جنة الآخرة وفي نعيم عاجل كما قال بعض الواجدين: إنه ليمر بالقلب أوقات أقول إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب. وقال آخر: إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربا. وقال آخر: مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل له وما أطيب ما فيها قال معرفة الله ومحبته والأنس بقربه والشوق إلى لقائه.

وليس في الدنيا نعيم يشبه نعيم أهل الجنة إلا هذا ولهذا قال النبي: « حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة ». فأخبر أنه حبب إليه من الدنيا شيئان النساء والطيب ثم قال وجعلت قرة عيني في الصلاة، وقرة العين فوق المحبة فإنه ليس كل محبوب تقر به العين وإنما تقر العين بأعلى المحبوبات الذي يحب لذاته وليس ذلك إلا الله الذي لا إله إلا هو وكل ما سواه فإنما يحب تبعا لمحبته فيحب لأجله ولا يحب معه فإن الحب معه شرك والحب لأجله توحيد. فالمشرك يتخذ من دون الله أندادا يحبهم كحب الله، والموحد إنما يحب من يحبه لله ويبغض من يبغضه في الله ويفعل ما يفعله لله ويترك ما يتركه لله. ومدار الدين على هذه القواعد الأربعة وهي الحب والبغض ويترتب عليهما الفعل والترك والعطاء والمنع. فمن استكمل أن يكون هذا كله لله استكمل الإيمان وما نقص منها أن يكون لله عاد بنقص إيمان العبد.

والمقصود أن ما تقر به العين أعلى من مجرد ما يحبه فالصلاة قرة عيون المحبين في هذه الدنيا لما فيها من مناجاة من لا تقر العيون ولا تطمئن القلوب ولا تسكن النفوس إلا إليه والتنعم بذكره والتذلل والخضوع له والقرب منه ولا سيما في حال السجود وتلك الحال أقرب ما يكون العبد من ربه فيها ومن هذا قول النبي: « يا بلال أرحنا بالصلاة ». فأعلمَ بذلك أن راحته في الصلاة كما أخبر أن قرة عينه فيها فأين هذا من قول القائل نصلي ونستريح من الصلاة؟ فالمحب راحته وقرة عينه في الصلاة والغافل المعرض ليس له نصيب من ذلك بل الصلاة كبيرة شاقة عليه إذا قام فيها كأنه على الجمر حتى يتخلص منها وأحب الصلاة إليه أعجلها وأسرعها فإنه ليس له قرة عين فيها ولا لقلبه راحة بها والعبد إذا قرت عينه بشيء واستراح قلبه به فأشق ما عليه مفارقته. والمتكلف الفارغ القلب من الله والدار الآخرة المبتلى بمحبة الدنيا أشق ما عليه الصلاة وأكره ما إليه طولها مع تفرغه وصحته وعدم اشتغاله.

ومما ينبغي أن يعلم أن الصلاة التي تقر بها العين ويستريح بها القلب هي التي تجمع ستة مشاهد:

المشهد الأول الإخلاص وهو أن يكون الحامل عليها والداعي إليها رغبة العبد في الله ومحبته له وطلب مرضاته والقرب منه والتودد إليه وامتثال أمره بحيث لا يكون الباعث له عليها حظا من حظوظ الدنيا ألبتة بل يأتي بها ابتغاء وجه ربه الأعلى محبة له وخوفا من عذابه ورجاء لمغفرته وثوابه

المشهد الثاني مشهد الصدق والنصح وهو أن يفرغ قلبه لله فيها ويستفرغ جهده في إقباله فيها على الله وجمع قلبه عليها وإيقاعها على أحسن الوجوه وأكملها ظاهرا وباطنا فإن الصلاة لها ظاهر وباطن فظاهرها الأفعال المشاهدة والأقوال المسموعة وباطنها الخشوع والمراقبة وتفريغ القلب لله والإقبال بكليته على الله فيها بحيث لا يلتفت قلبه عنه إلى غيره فهذا بمنزلة الروح لها والأفعال بمنزلة البدن فإذا خلت من الروح كانت كبدن لا روح فيه. أفلا يستحي العبد أن يواجه سيده بمثل ذلك ولهذا تلف كما يلف الثوب الخلق ويضرب بها وجه صاحبها وتقول ضيعك الله كما ضيعتني. والصلاة التي كمل ظاهرها وباطنها تصعد ولها نور وبرهان كنور الشمس حتى تعرض على الله فيرضاها ويقبلها وتقول حفظك الله كما حفظتني.
فصل

المشهد الثالث مشهد المتابعة والاقتداء وهو أن يحرص كل الحرص على الاقتداء في صلاته بالنبي ويصلي كما كان يصلي ويعرض عما أحدث الناس في الصلاة من الزيادة والنقصان والأوضاع التي لم ينقل عن رسول الله شيء منها ولا عن أحد من أصحابه ولا يقف عند أقوال المرخصين الذين يقفون مع أقل ما يعتقدون وجوبه ويكون غيرهم قد نازعهم في ذلك وأوجب ما أسقطوه ولعل الأحاديث الثابتة والسنة النبوية من جانبه ولا يلتفتون إلى ذلك ويقولون نحن مقلدون لمذهب فلان وهذا لا يخلص عند الله ولا يكون عذرا لمن تخلف عما علمه من السنة عنده فإن الله سبحانه إنما أمر بطاعة رسوله واتباعه وحده ولم يأمر باتباع غيره وإنما يطاع غيره إذا أمر بما أمر به الرسول وكل أحد سوى الرسول فمأخوذ من قوله ومتروك. وقد أقسم الله سبحانه بنفسه الكريمة أنّا لا نؤمن حتى نحكم الرسول فيما شجر بيننا وننقاد لحكمه ونسلم تسليما، فلا ينفعنا تحكيم غيره والانقياد له ولا ينجينا من عذاب الله ولا يقبل منا هذا الجواب إذا سمعنا نداءه سبحانه يوم القيامة { ماذا أجبتم المرسلين } فإنه لا بد أن يسألنا عن ذلك ويطالبنا بالجواب قال تعالى: { فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين } وقال النبي: « أوحي إلي أنكم بي تفتنون وعني تسألون ». يعني المسألة في القبر. فمن انتهت إليه سنة رسول الله وتركها لقول أحد من الناس فسيرد يوم القيامة ويعلم.
فصل

المشهد الرابع مشهد الإحسان وهو مشهد المراقبة وهو أن يعبد الله كأنه يراه وهذا المشهد إنما ينشأ من كمال الإيمان بالله وأسمائه وصفاته حتى كأنه يرى الله سبحانه فوق سمواته مستويا على عرشه يتكلم بأمره ونهيه ويدبر أمر الخليقة فينزل الأمر من عنده ويصعد إليه وتعرض أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة عليه فيشهد ذلك كله بقلبه ويشهد أسماءه وصفاته ويشهد قيوما حيا سميعا بصيرا عزيزا حكيما آمرا ناهيا يحب ويبغض ويرضى ويغضب ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو فوق عرشه لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد ولا أقوالهم ولا بواطنهم بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

ومشهد الإحسان أصل أعمال القلوب كلها فإنه يوجب الحياء و الإجلال والتعظيم والخشية والمحبة والإنابة والتوكل والخضوع لله سبحانه والذل له ويقطع الوسواس وحديث النفس ويجمع القلب والهم على الله.

فحظ العبد من القرب من الله على قدر حظه من مقام الإحسان وبحسبه تتفاوت الصلاة حتى يكون بين صلاة الرجلين من الفضل كما بين السماء والأرض وقيامهما وركوعهما وسجودهما واحد.
فصل

المشهد الخامس مشهد المنة وهو أن يشهد أن المنة لله سبحانه كونه أقامه في هذا المقام وأهله له ووفقه لقيام قلبه وبدنه في خدمته فلولا الله سبحانه لم يكن شيء من ذلك كما كان الصحابة يحدون بين يدي النبي فيقولون

والله لولا الله ما اهتدينا ** ولا تصدقنا ولا صلينا

قال الله تعالى { يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين } فالله سبحانه هو الذي جعل المسلم مسلما والمصلي مصليا كما قال الخليل: { ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك } وقال: { رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي } فالمنة لله وحده في أن جعل عبده قائما بطاعته وكان هذا من أعظم نعمه عليه. وقال تعالى: { وما بكم من نعمة فمن الله } وقال { ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون }

وهذا المشهد من أعظم المشاهد وأنفعها للعبد وكلما كان العبد أعظم توحيدا كان حظه من هذا المشهد أتم.

وفيه من الفوائد أنه يحول بين القلب وبين العجب بالعمل ورؤيته فإنه إذا شهد أن الله سبحانه هو المان به الموفق له الهادي إليه شغله شهود ذلك عن رؤيته والإعجاب به وأن يصول به على الناس فيرفع من قلبه فلا يعجب به ومن لسانه فلا يمن به ولا يتكثر به وهذا شأن العمل المرفوع.

ومن فوائده أنه يضيف الحمد إلى وليه ومستحقه فلا يشهد لنفسه حمدا بل يشهده كله لله كما يشهد النعمة كلها منه والفضل كله له والخير كله في يديه وهذا من تمام التوحيد فلا يستقر قدمه في مقام التوحيد إلا بعلم ذلك وشهوده فإذا علمه ورسخ فيه صار له مشهدا وإذا صار لقلبه مشهدا أثمر له من المحبة والأنس بالله والشوق إلى لقائه والتنعم بذكره وطاعته ما لا نسبة بينه وبين أعلى نعيم الدنيا ألبتة. وما للمرء خير في حياته إذا كان قلبه عن هذا مصدودا وطريق الوصول إليه عنه مسدودا بل هو كما قال تعالى { ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون }
فصل

المشهد السادس مشهد التقصير وأن العبد لو اجتهد في القيام بالأمر غاية الاجتهاد وبذل وسعه فهو مقصر وحق الله سبحانه عليه أعظم والذي ينبغي له أن يقابل به من الطاعة والعبودية والخدمة فوق ذلك بكثير وأن عظمته وجلاله سبحانه يقتضي من العبودية ما يليق بها. وإذا كان خدم الملوك وعبيدهم يعاملونهم في خدمتهم بالإجلال لهم والتعظيم والاحترام والتوقير والحياء والمهابة والخشية والنصح بحيث يفرغون قلوبهم وجوارحهم لهم فمالك الملوك ورب السموات والأرض أولى أن يعامل بذلك بل بأضعاف ذلك .

وإذا شهد العبد من نفسه أنه لم يوف ربه في عبوديته حقه ولا قريبا من حقه علم تقصيره ولم يسعه مع ذلك غير الاستغفار والاعتذار من تقصيره وتفريطه وعدم القيام بما ينبغي له من حقه وأنه إلى أن يغفر له العبودية ويعفو عنه فيها أحوج منه إلى أن يطلب منه عليها ثوابا وهو لو وفاها حقها كما ينبغي لكانت مستحقة عليه بمقتضى العبودية فإن عمل العبد وخدمته لسيده مستحق عليه بحكم كونه عبده ومملوكه فلو طلب منه الأجرة على عمله وخدمته لعده الناس أحمق وأخرق هذا وليس هو عبده ولا مملوكه على الحقيقة وهو عبد الله ومملوكه على الحقيقة من كل وجه لله سبحانه. فعمله وخدمته مستحق عليه بحكم كونه عبده فإذا أثابه عليه كان ذلك مجرد فضل ومنة وإحسان إليه لا يستحقه العبد عليه.

ومن ههنا يفهم معنى قول النبي: « لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ».

وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: يخرج للعبد يوم القيامة ثلاثة دواوين ديوان فيه حسناته وديوان فيه سيئاته وديوان النعم التي أنعم الله عليه بها فيقول الرب تعالى لنعمه خذي حقك من حسنات عبدي فيقوم أصغرها فتستنفذ حسناته ثم تقول وعزتك ما استوفيت حقي بعد فإذا أراد الله أن يرحم عبده وهبه نعمه عليه وغفر له سيئاته وضاعف له حسناته. وهذا ثابت عن أنس وهو أدل شيء على كمال علم الصحابة بربهم وحقوقه عليهم كما أنهم أعلم الأمة بنبيهم وسنته ودينه فإن في هذا الأثر من العلم والمعرفة ما لا يدركه إلا أولو البصائر العارفون بالله وأسمائه وصفاته وحقه ومن هنا يفهم قول النبي في الحديث الذي رواه أبو داود والإمام أحمد من حديث زيد بن ثابتوحذيفة وغيرهما: أن الله لو عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم لكانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم.
فصل

وملاك هذا الشأن أربعة أمور:

نية صحيحة وقوة عالية يقارنهما رغبة ورهبة.

فهذه الأربعة هي قواعد هذا الشأن ومهما دخل على العبد من النقص في إيمانه وأحواله وظاهره وباطنه فهو من نقصان هذه الأربعة أو نقصان بعضها.

فليتأمل اللبيب هذه الأربعة الأشياء وليجعلها سيره وسلوكه ويبني عليها علومه وأعماله وأقواله وأحواله فما نتج من نتج إلا منها ولا تخلف من تخلف إلا من فقدها.

والله أعلم والله المستعان وعليه التكلان وإليه الرغبة وهو المسؤول بأن يوفقنا وسائر إخواننا من أهل السنة لتحقيقها علما وعملا إنه ولي ذلك والمان به وهو حسبنا ونعم الوكيل.

روابط ويكي لكتاب هداية الحيارى




هداية الحيارى اذهب إلى التنقلاذهب إلى البحث

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

للحافظ ابن القيم
خطبة الكتاب
تمهيد
مسائل الكتاب
المسألة الأولى
الأسباب المانعة من قبول الحق
لا غرابة في جحد النصارى رسالة محمد وقد سبوا الله
صلاة النصارى استهزاء بالمعبود
المسألة الثانية
قصة النجاشي
وفد نصارى نجران
خبر عدي بن حاتم الطائي
قصة سلمان الفارسي
قصة هرقل
إسلام النجاشي
قصة المقوقس
قصة ابن الجلندي
صاحب اليمامة
قصة الحارث
قصة عبد الله بن سلام
المذكور في كتبهم غالبا وهو أبلغ من الاسم
نصارى نجران
اثنا عشر وجها تدل على أنه مذكور في الكتب المنزلة
اختلاف نسخ التوراة والإنجيل وتناقضها
نصوص الكتب المتقدمة في البشارة به وصفته ونعت أمته
النصارى آمنوا بمسيح لا وجود له واليهود ينتظرون المسيح الدجال
ما عوض به إبليس والنصارى وكل مستكبر عن حق
أدلة من التوراة على نبوة محمد
نطق التوراة صراحة بنبوة محمد
ما ذكر في نبوة حبقوق
مناظرة المؤلف لأحد كبار اليهود
صفات النبي المذكورة في كتبهم
خبر المباهلة
حديث وهب عن الزبور
خبر الحجر الذي وجد في قبر دانيال
أخبار أمية بن أبي الصلت الثقفي
خبر بحيرا الراهب
خبر آخر عن هرقل
الطرق الأربعة الدالة على صحة البشارة به
تحريف التوراة والإنجيل
سبب تحريف التوراة
جحدهم بنبوة محمد نظير جحدهم نبوة المسيح
التغيير في ألفاظ الكتب
المناقضات في الإنجيل
الرد على من طالب بالنسخ الصحيحة
الرد على من قال بعدم كفر هاتين الأمتين
الرد على من طعن بالصحابة
معاصي الأمم لا تقدح في الرسل ولا في رسالتهم
كتب اليهود
من شريعتهم نكاح امرأة الأخ أو العار
دين النصارى
مقالة أشباه الحمير في مريم وابنها
لو لم يظهر محمد لبطلت نبوة سائر الأنبياء
النصارى أشد الأمم افتراقا في دينهم
اختلاف فرقهم المشهورة في شخصية المسيح
تاريخ المجامع النصرانية
هداية الحيارى/ذكر ماني الكذاب
بولس أول من ابتدع اللاهوت والناسوت في شأن المسيح
أول من ابتدع شارة الصليب قسطنطين
المجمع الأول
المجمع الثاني
المجمع الثالث
المجمع الرابع
المجمع الخامس
المجمع السادس
المجمع السابع
المجمع الثامن
المجمع التاسع
المجمع العاشر
لو عرض دين النصرانية على قوم لم يعرفوا لهم إلها لا متنعوا من قبوله
يستحيل الإيمان بنبي من الأنبياء مع جحد نبوة محمد
إنكار النبوات شيمة الفلاسفة والمجوس وعباد الأصنام
غباوة اليهود
إشراق الأرض بالنبوة

هداية الحيارى

خطبة الكتاب | تمهيد | مسائل الكتاب | المسألة الأولى | الأسباب المانعة من قبول الحق | لا غرابة في جحد النصارى رسالة محمد وقد سبوا الله | صلاة النصارى استهزاء بالمعبود | المسألة الثانية | قصة النجاشي | وفد نصارى نجران | خبر عدي بن حاتم الطائي | قصة سلمان الفارسي | قصة هرقل | إسلام النجاشي | قصة المقوقس | قصة ابن الجلندي | صاحب اليمامة | قصة الحارث | قصة عبد الله بن سلام | المذكور في كتبهم غالبا وهو أبلغ من الاسم | نصارى نجران | اثنا عشر وجها تدل على أنه مذكور في الكتب المنزلة | اختلاف نسخ التوراة والإنجيل وتناقضها | نصوص الكتب المتقدمة في البشارة به وصفته ونعت أمته | النصارى آمنوا بمسيح لا وجود له واليهود ينتظرون المسيح الدجال | ما عوض به إبليس والنصارى وكل مستكبر عن حق | أدلة من التوراة على نبوة محمد | نطق التوراة صراحة بنبوة محمد | ما ذكر في نبوة حبقوق | مناظرة المؤلف لأحد كبار اليهود | صفات النبي المذكورة في كتبهم | خبر المباهلة | حديث وهب عن الزبور | خبر الحجر الذي وجد في قبر دانيال | أخبار أمية بن أبي الصلت الثقفي | خبر بحيرا الراهب | خبر آخر عن هرقل | الطرق الأربعة الدالة على صحة البشارة به | تحريف التوراة والإنجيل | سبب تحريف التوراة | جحدهم بنبوة محمد نظير جحدهم نبوة المسيح | التغيير في ألفاظ الكتب | المناقضات في الإنجيل | الرد على من طالب بالنسخ الصحيحة | الرد على من قال بعدم كفر هاتين الأمتين | الرد على من طعن بالصحابة | معاصي الأمم لا تقدح في الرسل ولا في رسالتهم | كتب اليهود | من شريعتهم نكاح امرأة الأخ أو العار | دين النصارى | مقالة أشباه الحمير في مريم وابنها | لو لم يظهر محمد لبطلت نبوة سائر الأنبياء | النصارى أشد الأمم افتراقا في دينهم | اختلاف فرقهم المشهورة في شخصية المسيح | تاريخ المجامع النصرانية | ذكر ماني الكذاب | بولس أول من ابتدع اللاهوت والناسوت في شأن المسيح | أول من ابتدع شارة الصليب قسطنطين | المجمع الأول | المجمع الثاني | المجمع الثالث | المجمع الرابع | المجمع الخامس | المجمع السادس | المجمع السابع | المجمع الثامن | المجمع التاسع | المجمع العاشر | لو عرض دين النصرانية على قوم لم يعرفوا لهم إلها لامتنعوا من قبوله | يستحيل الإيمان بنبي من الأنبياء مع جحد نبوة محمد | إنكار النبوات شيمة الفلاسفة والمجوس وعباد الأصنام | غباوة اليهود | إشراق الأرض بالنبوة

نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول الإمام العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية

ويكي مصدر * كتاب نقد المنقول
كتاب نقد المنقول

نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول

بسم الله الرحمن الرحيم قال الشيخ الإمام العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته 
 
 
 وسئلت هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط من غير أن ينظر في سنده فقلت 
 
 
= هذا سؤال عظيم القدر وإنما يعرف ذلك من تضلع في معرفة السنن الصحيحة واختلطت بدمه ولحمه وصار له فيها ملكة واختصاص شديد بمعرفة السنن والآثار ومعرفة سيرة رسول الله ﷺ وهديه فيما يأمر به وينهى عنه ويخبر عنه ويدعو إليه ويحبه ويكرهه ويشرعه للأمة بحيث كأنه مخالط للرسول ﷺ كواحد من أصحابه الكرام فمثل هذا يعرف من أحوال الرسول ﷺ وهديه وكلامه وأقواله وأفعاله وما يجوز أن يخبر عنه وما لا يجوز ما لا يعرف غيره وهذا شأن

كل متبع مع متبوعه فإن للأخص به الحريص على تتبع أقواله وأفعاله من العلم بها والتمييز بين ما يصح أن ينسب إليه وما لا يصح ما ليس لمن لا يكون كذلك وهذا شأن المقلدين مع أئمتهم يعرفون من أقوالهم ونصوصهم ومذاهبهم وأساليبهم ومشاربهم ما لا يعرفه غيرهم والله أعلم 1 - فمن ذلك ما روى جعفر بن جسر عن أبيه عن ثابت عن أنس يرفعه من قال سبحان الله وبحمده غرس الله له الف ألف نخلة في الجنة أصلها من ذهب وجعفر هذا هو جعفر بن جسر بن فرقد أبو سليمان القصار البصري قال ابن عدي أحاديثه مناكير وقال الأزدي يتكلمون فيه وأما أبوه فقال يحيى بن معين لا شيء ولا يكتب حديثه وقال النسائي والدارقطني ضعيف وقال ابن حبان خرج من حد العدالة وقال ابن عدي عامة أحاديثه غير محفوظة 2 - ومن ذلك ما رواه ابن مندة وغيره من حديث أحمد بن عبد الله الجويباري الكذاب عن شقيق عن إبراهيم بن أدهم عن

يزيد بن أبي زياد عن أويس القرني عن عمر وعلي رضي الله تعالى عنهم عن النبي ﷺ قال من دعا بهذه الأسماء اللهم أنت حي لا تموت وغالب لا تغلب وبصير لا ترتاب وسميع لا تشك وصادق لا تكذب وصمد لا تطعم وعالم لا تعلم إلى أن قال فوالذي بعثني بالحق لو دعي بهذه الدعوات على صفائح الحديد لذابت وعلى ماء جار لسكن ومن دعا عند منامه بها بعث بكل حرف منها سبع مئة ألف ملك يسبحون له ويستغفرون له وتابعه كذاب آخر وهو الحسين بن داود البلخي عن شقيق وروى جملة منه كذاب آخر هو سليمان بن عيسى عن الثوري عن إبراهيم بن أدهم وهذا وأمثاله مما لا يرتاب من له أدنى معرفة بالرسول ﷺ وكلامه أنه موضوع مختلق وإفك مفترى عليه 3 - ومن ذلك ما رواه عباس بن الضحاك البلخي كذاب أشر عن عمر بن الضحاك مجهول لا يعرف عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي ﷺ من كتب بسم الله الرحمن الرحيم ولم يقم الهاء التي في الله تعالى كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة

4 - ومن ذلك ما رواه أبو العلاء عن نافع عن ابن عمر يرفعه من كفن ميتا فإن له بكل شعرة تصيب كفنه عشر حسنات وأبو العلاء هذا يروي عن نافع ما ليس من حديثه ولا يجوز الاحتجاج به وهذا الحديث قد رواه الحسن بن سفيان حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا أحمد بن الحجاج حدثنا أبو العلاء به قال الدارقطني يقال إن أبا العلاء هذا هو الخفاف الكوفي واسمه خالد بن طهمان انتهى قال يحيى بن معين هو ضعيف خلط قبل موته بعشر سنين وكان قبل ذلك ثقة وكان في تخليطه يحمل كل ما جاؤوه به ويقرأه 5 - ومن ذلك حديث يرويه محمد بن عبدالرحمن بن البيلماني عن ابن عمر عن النبي ﷺ من صام صبيحة يوم الفطر فكأنما صام الدهر كله وهذا حديث باطل موضوع على رسول الله ﷺ وابن البيلماني يروي المناكير قال البخاري وأبو حاتم الرازي والنسائي هو منكر الحديث وقال يحيى بن معين ليس بشيء وقال الدار قطني والحميدي ضعيف وقال ابن حبان ويحيى حدث عن أبيه بنسخة سرد فيها ثمانين حديثا كلها موضوعة لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره إلا على وجه التعجب

6 - ومن ذلك حديث من صام يوم عاشوراء كتب الله له عبادة ستين سنة وهذا باطل يرويه حبيب بن أبي حبيب عن إبراهيم الصائغ عن ميمون بن مهران عن ابن عباس وحبيب هذا غير حبيب كان يضع الحديث 7 - ومن ذلك حديث يرويه زكريا بن دويد الكندي الكذاب الأشر عن حميد الطويل عن أنس عن النبي ﷺ من داوم على صلاة الضحى ولم يقطعها إلا من علة كنت أنا وهو في الجنة في زورق من نور في بحر من نور حتى نزور رب العالمين 8 - ومن ذلك حديث يرويه عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم بينهن بشيء عدلن له عبادة اثنتي عشرة سنة وعمر هذا قال فيه الإمام أحمد ويحيى بن معين والدارقطني ضعيف وقال أحمد أيضا لا يساوي حديثه شيئا وقال البخاري منكر الحديث وضعفه جدا وقال ابن حبان

لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه فإنه يضع الحديث على مالك وابن أبي ذئب وغيرهما من الثقات 9 - ومن ذلك حديث من صلى يوم الأحد أربع ركعات بتسليمة واحدة يقرأ في كل ركعة الحمد و آمن الرسول إلى آخرها البقرة 285 286 كتب الله له ألف حجة وألف عمرة وألف غزوة وبكل ركعة ألف صلاة وجعل بينه وبين النار ألف خندق فقبح الله واضعه ما أجرأه على الله ورسوله 10 - ومن ذلك حديث من صلى ليلة الأحد أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و قل هو الله أحد خمسة عشر مرة أعطاه الله يوم القيامة ثواب من قرأ القرآن عشر مرات وعمل بما في القرآن ويخرج يوم القيامة من قبره ووجهه مثل القمر ليلة البدر ويعطيه الله بكل ركعة ألف مدينة من لؤلؤ في كل مدينة ألف قصر من زبرجد في كل قصر ألف دار من الياقوت في كل دار ألف بيت من المسك في كل بيت ألف سرير واستمر هذا الكذاب الأشر على الألف 11 - ومن ذلك حديث من صلى ليلة الاثنين ست ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وعشرين مرة قل هو الله

أحد ويستغفر الله بعد ذلك عشر مرات أعطاه الله يوم القيامة ثواب ألف صديق وألف عابد وألف زاهد فقبح الله واضعه ومختلقه على رسول الله ﷺ وهو من عمل الجويباري الخبيث 12 - ومن ذلك حديث من صلى ليلة الاثنين أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة و آية الكرسي مرة و قل هو الله أحد مرة و قل أعوذ برب الفلق مرة و قل أعوذ برب الناس مرة كفرت ذنوبه كلها وأعطاه الله قصرا في الجنة من درة بيضاء في جوف القصر سبعة أبيات طول كل بيت ثلاثة آلاف ذراع وعرضه مثل ذلك واستمر هذا الكذاب الخبيث على ذلك في حديث طويل فيه من هذه المجازفات وهو من عمل الحسين بن إبراهيم كذاب دجال يروي عن محمد بن طاهر ووضع من هذا الضرب أحاديث صلاة يوم الأحد وليلة الأحد وصلاة يوم الاثنين وليلة الاثنين ويوم الثلاثاء وليلة الثلاثاء وهكذا في سائر أيام الأسبوع ولياليه وهذا باب واسع جدا وإنما ذكرنا منه جزءا يسيرا لتعرف به أن هذه الأحاديث وأمثالها مما فيه هذه المجازفات القبيحة الباردة كلها كذب على رسول الله ﷺ وقد اعتنى بها كثير من الجهال بالحديث من المنتسبين إلى الزهد والفقر وكثير من المنتسبين إلى الفقه

والأحاديث الموضوعة عليها ظلمة وركاكة ومجازفات باردة تنادى على وضعها واختلاقها على رسول الله ﷺ 13 - مثل حديث من صلى الضحى كذا وكذا ركعة أعطي ثواب سبعين نبيا وكأن هذا الكذاب الخبيث لم يعلم أن غير النبي لو صلى عمر نوح عليه السلام لم يعط ثواب نبي واحد 14 - وكقوله من اغتسل يوم الجمعة بنية وخشية كتب الله له بكل شعرة نورا يوم القيامة ورفع الله له بكل قطرة درجة في الجنة من در وياقوت وزبرجد ما بين كل درجتين مسيرة مئة عام ومر في حديث طويل قبح الله واضعه فهو من عمل عمر بن صبح الكذاب الخبيث

فصل أمور كلية لمعرفة كون الحديث موضوعا منها المجازفات في الوعد والوعيد ونحن ننبه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا فمنها اشتماله على أمثال هذه المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله ﷺ وهي كثيرة جدا 15 - كقوله في الحديث المكذوب من قال لا إله إلا الله خلق الله من تلك الكلمة طائرا له سبعون ألف لسان لكل لسان سبعون ألف لغة يستغفرون الله له ومن فعل كذا وكذا أعطي في الجنة سبعين ألف مدينة في كل مدينة سبعين ألف قصر في كل قصر سبعين ألف حوراء وأمثال هذه المجازفات الباردة التي لا يخلو حال واضعها من أحد أمرين إما أن يكون في غاية الجهل والحمق وإما أن يكون زنديقا قصد التنقيص برسول الله ﷺ بإضافة مثل هذه الكلمات إليه

فصل تكذيب الحس للحديث الموضوع ومنها تكذيب الحس له 16 - كحديث الباذنجان لما أكل له 17 - والباذنجان شفاء من كل داء قبح الله واضعهما فإن هذا لو قاله بعض جهلة الأطباء لسخر الناس منه ولو أكل الباذنجان للحمى والسوداء الغالبة وكثير من الأمراض لم يزدها إلا شدة ولو أكله فقير ليستغني لم يفده غنى أو جاهل ليتعلم لم يفده العلم 18 - وكذلك حديث إذا عطس الرجل عند الحديث فهو دليل صدقة وهذا وإن صحح بعض الناس سنده فالحس

يشهد بوضعه لأن نشاهد العطاس والكذب يعمل عمله ولو عطس مئة ألف رجل عند حديث يروى عن النبي ﷺ لم يحكم بصحته بالعطاس ولو عطسوا عند شهادة رجل لم يحكم بصدقه 19 - وكذلك حديث عليكم بالعدس فإنه مبارك يرقق القلب ويكثر الدمعة قدس فيه سبعون نبيا وقد سئل عبدالله بن المبارك عن هذا الحديث وقيل له إنه يروى عنك فقال وعني ما أرفع شيئا في العدس إنه شهوة اليهود ولو قدس فيه نبي واحد لكان شفاء من الأدواء فكيف بسبعين نبيا وقد سماه الله أدنى البقرة 61 وذم من اختاره على المن والسلوى وجعله قرين الثوم والبصل أفترى أنبياء بني إسرائيل قدسوا فيه لهذه العلة والمضار التي فيه من تهييج السوداء والنفخ والرياح الغليظة وضيق النفس والدم الفاسد وغير ذلك من المضار المحسوسة ويشبه أن يكون هذا الحديث من وضع الذين اختاروه على المن والسلوى وأشباههم

20 - وكذلك حديث إن الله خلق السموات والأرض يوم عاشوراء 21 - وكذلك حديث اشربوا على الطعام تشبعوا فإن الشرب على الطعام يفسده ويمنع من استقراره في المعدة ومن كمال نضجه 22 - وكذلك حديث أكذب الناس الصباغون والصواغون فالحس يرد هذا الحديث فإن الكذب في غيرهم أضعافه فيهم كالرافضة فإنهم أكذب خلق الله والكهان والطرقية والمنجمين وقد تأوله بعضهم على أن المراد بالصباغ الذي يزيد في الحديث ألفاظا تزينه والصواغ الذي يصوغ الحديث ليس له أصل وهذا تكلف بارد لتأويل حديث باطل

فصل سماجة الحديث تدل على وضعه ومنها سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه 23 - كحديث لو كان الأرز رجلا لكان حليما ما أكله جائع إلا أشبعه فهذا من السمج البارد الذي يصان عنه كلام العقلاء فضلا عن كلام سيد الأنبياء 24 - وحديث الجوز دواء والجبن داء فإذا صار في الجوف صار شفاء فلعن الله واضعه على رسول الله ﷺ 25 - وحديث لو يعلم الناس ما في الحلبة لاشتروها بوزنها ذهبا 26 - وحديث أحضروا موائدكم البقل فإنه مطردة للشيطان 27 - وحديث ما من ورقة هندباء إلا وعليها قطرة من ماء الجنة 28 - وحديث بئس البقلة الجرجير من أكل منها ليلا بات ونفسه تنازعه ويضرب عرق الجذام في أنفه كلوها نهارا وكفوا عنها ليلا

29 - وحديث فضل دهن البنفسج على الأدهان كفضل أهل البيت على سائر الخلق 30 - وحديث فضل الكراث على سائر البقول كفضل البر على الحبوب 31 - وحديث الكمأة والكرفس طعام إلياس واليسع 32 - وحديث إن للقلب فرحة عند أكل اللحم 33 - وحديث ما من رمان إلا ويلقح بحبة من رمان الجنة 34 - وحديث ربيع أمتي العنب والبطيخ 35 - وحديث عليكم بمداومة أكل العنب مع الخبز 36 - وحديث عليكم بالملح فإنه شفاء من سبعين داء 37 - وحديث من أكل فولة بقشرها أخرج الله منه الداء مثلها لعن الله واضعه 38 - وحديث لا تسبوا الديك فإنه صديقي ولو يعلم بنو آدم ما في صوته لاشتروا ريشه ولحمه بالذهب

39 - وحديث من اتخذ ديكا أبيض لم يقربه الشيطان ولا سحر

40 - وحديث إن لله ديكا عنقه مطوية تحت العرش ورجلاه في التخوم وبالجملة فكل أحاديث الديك كذب إلا حديثا واحدا 41 - إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا

فصل مناقضة الحديث الموضوع للسنة الصحيحة ومنها مناقضة الحديث لما جاءت به السنة الصريحة مناقضة بينة فكل حديث يشتمل على فساد أو ظلم أو عيب أو مدح باطل أو ذم حق أو نحو ذلك فرسول الله ﷺ منه بريء 42 - ومن هذا الباب أحاديث مدح من اسمه محمد وأحمد وأن كل من يسمى بهذه الأسماء لا يدخل النار وهذا مناقض لما هو معلوم من دينه ﷺ أن النار لا يجار منها بالأسماء والألقاب وإنما النجاة منها بالإيمان والأعمال الصالحة 43 - ومن هذا الباب أحاديث كثيرة علقت النجاة من النار بها وأنها لا تمس من فعل ذلك وغايتها أن تكون من صغار الحسنات والمعلوم من دينه ﷺ خلاف ذلك وأنه إنما ضمن النجاة منها لمن حقق التوحيد

فصل الصحابة بلغوا السنة ولم يكتموا منها شيئا ومنها أن يدعى على النبي ﷺ أنه فعل أمرا ظاهرا بمحضر من الصحابة كلهم وأنهم اتفقوا على كتمانه ولم ينقلوه كما يزعم أكذب الطوائف أنه ﷺ أخذ بيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمحضر من الصحابة كلهم وهم راجعون من حجة الوداع فأقامه بينهم حتى عرفه الجميع ثم قال 44 - هذا وصيي وأخي والخليفة من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا ثم اتفق الكل على كتمان ذلك وتغييره ومخالفته فلعنة الله على الكاذبين 45 - وكذلك روايتهم أن الشمس ردت لعلي بعد العصر والناس يشاهدونها ولا يشتهر هذا أعظم اشتهار ولا تعرفه إلا أم سلمة

فصل المعنى الباطل يدل على أن الحديث باطل ومنها أن يكون الحديث باطلا في نفسه فيدل بطلانه على أنه ليس من كلام الرسول ﷺ 46 - كحديث المجرة التي في السماء من عرق الأفعى التي تحت العرش 47 - وحديث إذا غضب الله تعالى أنزل الوحي بالفارسية وإذا رضي أنزله بالعربية 48 - وكحديث ست خصال تورث النسيان أكل سؤر الفأر وإلقاء القمل في النار وهي حية والبول في الماء الراكد وقطع القطار ومضغ العلك وأكل التفاح الحامض 49 - وحديث الحجامة على القفا تورث النسيان 50 - وحديث يا حميراء لا تغتسلي بالماء المشمس فإنه يورث البرص

51 - وكل حديث فيه يا حميراء أو ذكر الحميراء فهو كذب مختلق 52 - مثل يا حميراء لا تأكلي الطين فإنه يورث كذا وكذا 53 - وحديث خذوا شطر دينكم عن الحميراء 54 - وحديث من لم يكن له مال يتصدق به فليلعن اليهود والنصارى فإن اللعنة لا تقوم مقام الصدقة أبدا 55 - وكحديث آليت على نفسي أن لا أدخل النار من كان اسمه أحمد أو محمد 56 - وكحديث من ولد له مولود فسماه محمدا تبركا كان هو والولد في الجنة

57 - وكحديث ما من مسلم دنا من زوجته وهو ينوي إن حبلت منه يسميه محمدا إلا رزقه الله ولدا ذكرا وفي ذلك جزء كله كذب

فصل الحديث الموضوع لا يشبه كلام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومنها أن يكون الحديث لا يشبه كلام الأنبياء فضلا عن كلام رسول الله ﷺ الذي هو وحي يوحى كما قال الله تعالى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى النجم 4 أي وما نطقه إلا وحي يوحى فيكون الحديث مما لا يشبه الوحي بل لا يشبه كلام الصحابة 58 - كحديث ثلاثة تزيد في البصر النظر إلى الخضرة والماء الجاري والوجه الحسن وهذا الكلام مما يجل عنه أبو هريرة وابن عباس بل سعيد بن المسيب والحسن بل أحمد ومالك رحمهم الله 59 - وحديث النظر إلى الوجه الحسن يجلو البصر وهذا ونحوه من وضع بعض الزنادقة

60 - وحديث عليكم بالوجوه الملاح والحدق السود فإن الله يستحي أن يعذب مليحا بالنار فلعنة الله على واضعه الخبيث 61 - وحديث النظر إلى الوجه الجميل عبادة 62 - وحديث الزرقة في العين يمن 63 - وحديث إن الله طهر قوما من الذنوب بالصلعة في رؤوسهم وإن عليا لأولهم 64 - وحديث نبات الشعر في الأنف أمان من الجذام وقد سئل عنه الإمام أحمد بن حنبل فقال ما من ذا شيء 65 - وحديث من آتاه الله وجها حسنا واسما حسنا

وجعله في موضع غير شائن فهو من صفوة الله في خلقه 66 - وكل حديث فيه ذكر حسان الوجوه أو الثناء عليهم أو الأمر بالنظر إليهم أو التماس الحوائج منهم أو أن النار لا تمسهم فكذب مختلق وإفك مفترى وفي هذا الباب أحاديث كثيرة وأقرب شيء في الباب 67 - حديث إذا بعثتم إلي بريدا فابعثوه مع حسن الوجه حسن الاسم وفيه عمر بن راشد قال ابن حبان كان يضع الحديث وذكر أبو الفرج ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات

فصل أحاديث التواريخ المستقبلة ومنها أن يكون في الحديث تاريخ كذا وكذا 68 - مثل قوله إذا كانت سنة كذا وكذا وقع كيت وكيت وإذا كان شهر كذا وكذا وقع كيت وكيت 69 - وكقول الكذاب الأشر إذا انكسف القمر في المحرم كان الغلاء والقتال وشغل السلطان وإذا انكسف في صفر كان كذا وكذا واستمر الكذاب في الشهور كلها وأحاديث هذا الباب كلها كذب مفترى

فصل من علامات الوضع أن يشبه الحديث كلام الأطباء ومنها أن يكون الحديث بوصف الأطباء والطرقية أشبه وأليق 70 - كحديث الهريسة تشد الظهر 71 - وكحديث أكل السمك يوهن الجسد 72 - وحديث الذي شكى إلى النبي ﷺ قلة الولد فأمره أن يأكل البيض والبصل 73 - وحديث أتاني جبريل بهريسة من الجنة فأكلتها فأعطيت قوة أربعين رجلا في الجماع 74 - وحديث المؤمن حلو يحب الحلاوة ورواه الكذاب الأشر بلفظ آخر المؤمن حلوي والكافر خمري 75 - وحديث كلوا التمر على الريق فإنه يقتل الدود

76 - وحديث أطعموا نساءكم في نفاسهن التمر 77 - وحديث من لقم أخاه لقمة حلوة صرف الله عنه مرارة الموقف 78 - وحديث من أخذ لقمة من مجرى الغائط والبول فغسلها ثم أكلها غفر له 79 - وحديث النفخ في الطعام يذهب البركة 80 - وحديث إذا طنت أذن أحدكم فليصل علي وليقل

ذكر الله من ذكرني بخير وكل حديث في طنين الأذن فهو كذب

فصل أحاديث العقل كلها كذب ومنها أحاديث العقل كلها كذب 81 - كقوله لما خلق الله العقل قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر فقال ما خلقت خلقا أكرم علي منك بك آخذ وبك أعطي 82 - وحديث لكل شيء معدن ومعدن التقوى قلوب العارفين 83 - وحديث إن الرجل ليكون من أهل الصلاة والجهاد وما يجزى إلا على قدر عقله

قال الخطيب حدثنا الصوري قال سمعت الحافظ عبد الغني يقول أخبرنا الدارقطني بأن كتاب العقل وضعه أربعة أولهم ميسرة بن عبدربه ثم سرقه منه داود بن المحبر وركبه بأسانيد غير أسانيد ميسرة وسرقه عبدالعزيز بن أبي رجاء فركبه بأسانيد أخر وسرقه سليمان بن عيسى السجزي فأتى بأسانيد أخرى قلت يريد كتاب العقل للأودي المختلق الكذاب وهو سفر وقال أبو الفتح الأزدي لا يصح في العقل حديث قاله أبو جعفر العقيلي وأبو حاتم ابن حبان والله أعلم

فصل من الأحاديث الموضوعة أحاديث حياة الخضر عليه السلام ومنها الأحاديث التي ذكر فيها الخضر وحياته وكلها كذب ولا يصح في حياته حديث واحد 84 - كحديث إن رسول الله ﷺ كان في المسجد فسمع كلاما من ورائه فذهبوا ينظرون فإذا هو الخضر 85 - وحديث يلتقي الخضر وإلياس كل عام 86 - وحديث يجتمع بعرفة جبريل وميكائيل والخضر الحديث المفترى الطويل سئل إبراهيم الحربي عن تعمير الخضر وأنه باق فقال من أحال على غائب لم ينتصف منه وما ألقى هذا بين الناس إلا الشيطان

وسئل البخاري عن الخضر وإلياس هل هما أحياء فقال كيف يكون هذا وقد قال النبي ﷺ لا يبقى على رأس مئة سنة ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد وسئل عن ذلك كثير غيره من الأئمة فقالوا وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون الأنبياء 34 وسئل عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال لو كان الخضر حيا لوجب عليه أن يأتي النبي ﷺ ويجاهد بين يديه ويتعلم منه وقد قال النبي ﷺ يوم بدر اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض وكانوا ثلاث مئة وثلاثة عشر رجلا معروفين بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم فأين كان الخضر حينئذ وقد قال أبو الفرج ابن الجوزي والدليل على أن الخضر ليس بباق في الدنيا أربعة أشياء القرآن والسنة وإجماع المحققين من العلماء والمعقول أما القرآن فقوله تعالى وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد الأنبياء 34 فلو دام الخضر كان خالدا وأما السنة فذكر حديث أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مئة سنة منها لا يبقى على ظهر الأرض ممن هو عليها أحد متفق عليه

وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله ﷺ قبل موته بقليل ما من نفس منفوسة يأتي عليها مئة سنة وهي يومئذ حية ثم ذكر عن البخاري وعلي بن موسى الرضا أن الخضر مات وأن البخاري سئل عن حياته فقال كيف يكون ذلك وقد قال النبي ﷺ أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مئة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد قال وممن قال إن الخضر مات إبراهيم بن اسحاق الحربي وأبو الحسين بن المنادي وهما إمامان وكان ابن المنادي يقبح قول من يقول إنه حي وحكى القاضي أبو يعلى موته عن بعض أصحاب أحمد وذكر عن بعض أهل العلم أنه احتج بأنه لو كان حيا لوجب عليه أن يأتي إلى النبي ﷺ وقال حدثنا أحمد عن شريح بن النعمان حدثنا هشيم أخبرنا مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال والذي نفسي بيده لو أن موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني فكيف يكون حيا ولا يصلي مع رسول الله ﷺ الجمعة والجماعة ويجاهد معه ألا ترى أن عيسى عليه السلام إذا نزل إلى الأرض يصلي خلف إمام هذه الأمة ولا يتقدم لئلا يكون ذلك خدش في نبوة محمد ﷺ

قال أبو الفرج وما أبعد فهم من يثبت وجود الخضر وينسى ما في طي إثباته من الإعراض عن هذه الشريعة أما الدليل من المعقول فمن عشرة أوجه أحدها أن الذي أثبت حياته يقول إنه ولد آدم لصلبه وهذا فاسد لوجهين أحدهما أن يكون عمره الآن ستة آلاف سنة فيما ذكر في كتاب يوحنا المؤرخ ومثل هذا بعيد في العادات أن يقع في حق البشر والثاني أنه لو كان ولده لصلبه أو الرابع من ولد ولده كما زعموا وأنه كان وزير ذي القرنين فإن تلك الخلقة ليست على خلقتنا بل مفرط في الطول والعرض وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ أنه قال خلق الله آدم طوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعد وما ذكر أحد ممن رأى الخضر أنه رآه على خلقة عظيمة وهو من أقدم الناس الوجه الثالث أنه لو كان الخضر قبل نوح لركب معه في السفينة ولم ينقل هذا أحد الوجه الرابع أنه اتفق العلماء أن نوحا لما نزل من السفينة مات من كان معه ثم مات نسلهم ولم يبق غير نسل نوح

والدليل على هذا قوله تعالى وجعلنا ذريته هم الباقين الصافات 77 وهذا يبطل قول من قال إنه كان قبل نوح الوجه الخامس أن هذا لو كان صحيحا أن بشرا من بني آدم يعيش من حين يولد إلى آخر الدهر ومولده قبل نوح لكان هذا من أعظم الآيات والعجائب وكان خبره في القرآن مذكورا في غير موضع لأنه من أعظم آيات الربوبية وقد ذكر الله سبحانه وتعالى من أحياه ألف سنة إلا خمسين عاما وجعله آية فكيف بمن أحياه إلى آخر الدهر ولهذا قال بعض أهل العلم ما ألقى هذا بين الناس إلا شيطان والوجه السادس أن القول بحياة الخضر قول على الله بلا علم وذلك حرام بنص القرآن أما المقدمة الثانية فظاهرة وأما الأولى فإن حياته لو كانت ثابتة لدل عليها القرآن أو السنة أو إجماع الأمة فهذا كتاب الله تعالى فأين فيه حياة الخضر وهذه سنة رسول الله ﷺ فأين فيها ما يدل على ذلك بوجه من الوجوه وهؤلاء علماء الأمة هل أجمعوا على حياته الوجه السابع أن غاية ما يتمسك به من ذهب إلى حياته حكايات منقولة يخبر الرجل بها أنه رأى الخضر فيالله العجب هل للخضر علامات يعرفه بها من رآه وكثير من هؤلاء يغتر بقوله أنا

الخضر ومعلوم أنه لا يجوز تصديق قائل ذلك بلا برهان من الله فأين للرائي أن المخبرله صادق لا يكذب الوجه الثامن أن الخضر فارق موسى بن عمران كليم الرحمن ولم يصاحبه وقال له هذا فراق بيني وبينك الكهف 78 فكيف يرضى لنفسه بمفارقته لمثل موسى ثم يجتمع بجهلة العباد الخارجين عن الشريعة الذين لا يحضرون جمعة ولا جماعة ولا مجلس علم ولا يعرفون من الشريعة شيئا وكل منهم يقول قال الخضر وجاءني الخضر وأوصاني الخضر فيا عجبا له يفارق كليم الله تعالى ويدور على صحبة الجهال ومن لا يعرف كيف يتوضأ ولا كيف يصلي الوجه التاسع أن الأمة مجمعة على أن الذي يقول أنا الخضر لو قال سمعت رسول الله ﷺ يقول كذا وكذا لم يلتفت إلى قوله ولم يحتج به في الدين إلا أن يقال إنه لم يأت رسول الله ﷺ ولا بايعه أو يقول هذا الجاهل إنه لم يرسل إليه وفي هذا من الكفر ما فيه الوجه العاشر أنه لو كان حيا لكان جهاده الكفار ورباطه في سبيل الله ومقامه في الصف ساعة وحضور الجمعة والجماعة وتعليم العلم أفضل له بكثير من سياحته بين الوحوش في القفار والفلوات وهل هذا إلا من أعظم الطعن عليه والعيب له

فصل الحديث الموضوع تقوم شواهد على بطلانه ومنها أن يكون الحديث مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه 87 - كحديث عوج بن عنق الطويل الذي قصد واضعه الطعن في أخبار الأنبياء فإنهم يجترؤون على هذه الأخبار فإن في

هذا الحديث أن طوله كان ثلاثة آلاف ذراع وثلاث مئة وثلاث وثلاثين وثلثا وأن نوحا لما خوفه الغرق قال له احملني في قصعتك هذه وأن الطوفان لم يطل إلى كعبه وأنه خاض البحر فوصل إلى حجزته وأنه كان يأخذ الحوت من قرار البحر فيشويه في عين الشمس وأنه قلع صخرة عظيمة على قدر عسكر موسى وأراد أن يرضخهم بها فقورها الله على عنقه مثل الطوق وليس العجب من جرأة مثل هذا الكذاب على الله وإنما العجب ممن يدخل هذا الحديث في كتب العلم من التفسير وغيره ولا

يبين أمره وهذا عندهم ليس من ذرية نوح وقد قال الله تعالى وجعلنا ذريته هم الباقين الصافات 77 فأخبر أن كل من بقي على وجه الأرض فهو من ذرية نوح فلو كان لعوج هذا وجود لم يبق بعد نوح وأيضا فإن النبي ﷺ قال خلق الله آدم وطوله في السماء ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن وأيضا فإن بين السماء والأرض مسيرة خمس مئة عام وسمكها كذلك وإذا كانت الشمس في السماء الرابعة فبيننا وبينها هذه المسافة العظيمة فكيف يصل إليها طول ثلاثة آلاف ذراع حتى يشوي في عينها الحوت ولا ريب أن هذا وأمثاله من وضع زنادقة أهل الكتاب الذين قصدوا السخرية والاستهزاء بالرسل وأتباعهم 88 - ومن هذا حديث أن قاف جبل من زمردة خضراء

تحيط بالدنيا كإحاطة الحائط بالبستان والسماء رافعة أكنافها عليه فزرقتها منه وهذا وأمثاله مما يزيد الفلاسفة وأمثالهم كفرا 89 - ومن هذا حديث إن الأرض على صخرة والصخرة عل قرن ثور فإذا حرك الثور قرنه تحركت الصخرة فتحركت الأرض وهي الزلزلة والعجب من مسود كتبه بهذه الهذيانات 90 - ومن هذا حديث كانت جنية تأتي النبي ﷺ فأبطأت عليه فقال ما أبطأ بك قالت مات لها ميت بالهند فذهبت في تعزيته فرأيت في طريقي إبليس يصلي على صخرة فقلت له ما حملك على أن أضللت بني آدم فقال دعي هذا عنك قلت تصلي وأنت أنت قال يا فارغة إني لأرجو من ربي إذا بر قسمه أن يغفر لي فما رأيت رسول الله ﷺ ضحك مثل ذلك اليوم قال ابن عدي في الكامل حدثنا عبدالمؤمن بن بن أحمد حدثنا ابن لهيعة عن أبيه عن أبي الزبير عن جابر فذكره والله تعالى أعلم بما دس في كتب ابن لهيعة وإلا فهو أعلم بالحديث من أن يروج عليه مثل هذا الهذيان

91 - ومن هذا حديث هامة بن الهيم بن لاقيس بن إبليس الحديث الطويل ونحوه 92 - وحديث زرنب بن برثملا قال ابن الجوزي حديث زرنب باطل

فصل مخالفة الحديث الموضوع لصريح القرآن ومنها مخالفة الحديث لصريح القرآن 93 - كحديث مقدار الدنيا وأنها سبعة آلاف سنة ونحن الآن في الألف السابعة وهذا من أبين الكذب لأنه لو كان صحيحا لكان كل أحد علم أنه قد بقي للقيامة من وقتنا هذا مئتان وإحدى وخمسون سنة والله تعالى يقول يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله الأعراف 187 وقال الله تعالى إن الله عنده علم الساعة لقمان 34 وقال النبي ﷺ لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله وقد جاهر بالكذب بعض من يدعي في زماننا العلم وهو متشبع بما لم يعط أن رسول الله ﷺ كان يعلم متى تقوم الساعة

قيل له فقد قال في حديث جبريل ما المسؤول عنها بأعلم من السائل فحرفه عن موضعه وقال معناه أنا وأنت نعلمها وهذا من أعظم الجهل وأقبح التحريف والنبي ﷺ أعلم بالله من أن يقول لم كان يظنه أعرابيا أنا وأنت نعلم الساعة إلا أن يقول هذا الجاهل إنه كان يعرف أنه جبريل ورسول الله ﷺ وهو الصادق في قوله والذي نفسي بيده ما جاءني في صورة إلا عرفته غير هذه الصورة وفي اللفظ الآخر ما شبه علي غير هذه المرة وفي اللفظ الآخر ردوا علي الأعرابي فذهبوا والتمسوا فلم يجدوا شيئا وإنما علم النبي ﷺ أنه جبريل بعد مدة كما قال عمر فلبثت مليا فقال النبي ﷺ يا عمر أتدري من السائل والمحرف يقول علم وقت السؤال أنه جبريل ولم يخبر الصحابة بذلك إلا بعد مدة ثم قوله في الحديث ما المسؤول عنها بأعلم من السائل يعم كل سائل ومسؤول فكل سائل ومسؤول عن هذه الساعة شأنهما كذلك ولكن هؤلاء الغلاة عندهم أن علم رسول الله ﷺ منطبق على علم الله سواء بسواء فكل ما يعلمه الله يعلمه رسول الله ﷺ والله تعالى يقول وممن حولكم من الأعراب

منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم وهذا في براءة 101 وهي من أواخر ما نزل من القرآن هذا والمنافقون جيرانه في المدينة ومن هذا حديث عقد عائشة رضي الله عنها لما أرسل في طلبه فأثاروا الجمل فوجدوه

ومن هذا حديث تلقيح التمر وقال ما أرى لو تركتموه يضره شيء فتركوه فجاء شيصا فقال أنتم أعلم بدنياكم رواه مسلم عن عائشة وقد قال الله تعالى قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب الأنعام 5 وقال ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير الأعراف 188 ولما جرى لأم المؤمنين عائشة ما جرى ورماها أهل الإفك بما رموها به لم يكن ﷺ يعلم حقيقة الأمر حتى جاءه الوحي من الله ببراءتها وعند هؤلاء الغلاة أنه ﷺ كان يعلم الحال على حقيقته بلا ريب واستشار الناس في فراقها ودعا ريحانة فسألها وهو يعلم الحال وقال لها إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وهو يعلم علما يقينا أنها لم تلم بذنب ولا ريب أن الحامل لهؤلاء على هذا الغلو إنما هو اعتقادهم أنه يكفر عنهم سيئاتهم ويدخلهم الجنة وكلما غلوا كانوا أقرب إليه وأخص به فهم أعصى الناس لأمره وأشدهم مخالفة لسنته

وهؤلاء فيهم شبه ظاهر من النصارى الذين غلوا في المسيح أعظم الغلو وخالفوا شرعه ودينه أعظم المخالفة والمقصود أن هؤلاء يصدقون بالأحاديث المكذوبة الصريحة ويحرفون الأحاديث الصحيحة عن مواضعها لترويج معتقداتهم والله ولي دينه فيقيم من يقوم له بحق النصيحة

فصل غلط وقع في صحيح مسلم ويشبه هذا ما وقع فيه الغلط في حديث أبي هريرة خلق الله التربة يوم السبت الحديث وهو في صحيح مسلم ولكن وقع الغلط في رفعه وإنما هو من قول كعب الأحبار كذلك قال إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه الكبير وقاله غيره من علماء المسلمين أيضا وهو كما قالوا لأن الله أخبر أنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وهذا الحديث يتضمن أن مدة التخليق سبعة أيام والله أعلم

فصل أحاديث صخرة بيت المقدس 94 - ومن ذلك الحديث الذي يروى في الصخرة أنها عرش الله الأدنى تعالى الله عن كذب المفترين ولما سمع عروة بن الزبير هذا قال سبحان الله يقول الله تعالى وسع كرسيه السموات والأرض البقرة 255 وتكون الصخرة عرشه الأدنى وكل حديث في الصخرة فهو كذب مفترى والحديث الذي فيها كذب موضوع مما عمله المزورون الذين يروجون لها ليكثر سواد الزائرين وأرفع شيء في الصخرة أنها كانت قبلة اليهود وهي في المكان كيوم السبت في الزمان أبدل الله بها الأمة المحمدية الكعبة البيت الحرام ولما أراد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يبني المسجد الأقصى استشار الناس هل يجعله أمام الصخرة أو خلفها فقال له كعب يا أمير المؤمنين ابنه خلف الصخرة فقال يا ابن اليهودية خالطتك اليهودية بل أبنيه أمام الصخرة حتى لا يستقبلها المصلون فبناه حيث هو اليوم

وقد أكثر الكذابون من الوضع في فضائلها وفضائل بيت المقدس والذي صح في فضله قوله ﷺ لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا وهو في الصحيحين وقوله من حديث أبي ذر وقد سأل رسول الله ﷺ أي مسجد وضع في الأرض أول فقال المسجد الحرام قال ثم أي قال المسجد الأقصى الحديث وهو متفق عليه وحديث عبدالله بن عمرو لما بنى سليمان البيت سأل ربه ثلاث مسائل سأله حكما يصادف حكمه فأعطاه إياه وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه وسأله أن لا يؤم أحد هذا البيت لا يريد إلا للصلاة فيه إلا رجع من خطيئته كيوم ولدته أمه وأنا أرجو أنه يكون أعطاه الله ذلك وهو في مسند أحمد وصحيح الحاكم وفي الباب حديث رابع دون هذه الأحاديث رواه ابن ماجة في سننه وهو حديث مضطرب إن الصلاة فيه بخمسين ألف صلاة وهذا محال لأن مسجد رسول الله ﷺ أفضل منه

والصلاة فيه تفضل على غيره بألف صلاة وقد روي في بيت المقدس التفضيل بخمس مئة وهو أشبه صح أنه ﷺ أسرى به إليه وأنه صلى فيه وأم المرسلين تلك الصلاة وربط البراق بحلقة الباب وعرج به منه وصح عنه أن المؤمنين يتحصنون به من يأجوج ومأجوج فهذا مجموع ما صح فيه من الأحاديث ثم افتتح الكذاب الجراب وأكمل الأحاديث المكذوبة فيه وفي الخليل فقبح الله الكاذبين على الله وعلى رسول الله ﷺ والمحرفين للصحيح من كلامه فيا لله من للأمة من هاتين الطائفتين

فصل أحاديث فضائل رجب وغيرها ومنها أحاديث صلوات الأيام والليالي 95 - كصلاة يوم الأحد وليلة الأحد ويوم الاثنين وليلة الاثنين إلى آخر الأسبوع كلها كذب وقد تقدم بعض ذلك 96 - وكذلك أحاديث صلاة الرغائب ليلة أول جمعة من رجب كلها كذب مختلق على رسول الله ﷺ 97 - وأصله ما رواه عبدالرحمن بن منده وهو صدوق عن ابن جهضم وهو واضع الحديث حدثنا علي بن محمد بن سعيد البصري حدثنا أبي حدثنا خلف بن عبدالله الصنعاني عن حميد عن أنس يرفعه رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي الحديث وفيه لا تغفلوا عن أول جمعة من

رجب فإنها ليلة تسميها الملائكة الرغائب وذكر الحديث المكذوب بطوله قال ابن الجوزي اتهموا به ابن جهضم ونسبوه إلى الكذب قال وسمعت عبدالوهاب الحافظ يقول رجاله مجهولون فنبشت جميع الكتب فما وجدتهم وقال بعض الحفاظ بل لعلهم لم يخلقوا 98 - وكل حديث في ذكر صوم رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترى 99 - كحديث من صلى بعد المغرب أول ليلة من رجب عشرين ركعة جاز على الصراط بلا حساب 100 - وحديث من صام يوما من رجب وصلى ركعتين يقرأ في كل ركعة مئة مرة آية الكرسي وفي الثانية مئة مرة قل هو الله أحد لم يمت حتى ير مقعده من الجنة

101 - وحديث من صام من رجب كذا وكذا الجميع كذب مختلف 102 - وأقرب ما جاء فيه ما رواه ابن ماجة في سننه أن رسول الله ﷺ نهى عن صيام رجب

فصل في أحاديث ليلة النصف من شعبان ومن ذلك أحاديث ليلة النصف من شعبان 103 - كحديث يا علي من صلى ليلة النصف من شعبان مئة ركعة بألف قل هو الله أحد قضى الله له كل حاجة طلبها تلك الليلة وساق جزافات كثيرة وأعطي سبعين ألف حوراء لكل حوراء سبعين ألف غلام وسبعون ألف ولد إلى أن قال ويشفع والداه كل واحد منهما في سبعين ألفا والعجب ممن يشم رائحة العلم بالسنن ثم يغتر بمثل هذا الهذيان ويصليها وهذه الصلاة وضعت في الإسلام بعد الأربع مئة ونشأت من بيت المقدس فوضع لها عدة أحاديث منها 104 - من قرأ ليلة النصف من شعبان ألف مرة قل هو الله أحد الحديث بطوله وفيه بعث الله إليه مئة ألف ملك يبشرونه 105 - وحديث من صلى ليلة النصف من شعبان ثلاث مئة ركعة يقرأ في كل ركعة ثلاثين مرة قل هو الله أحد شفع في عشرة قد استوجبوا النار وغير ذلك من الأحاديث التي لا يصح منها شيء

فصل ركاكة ألفاظ الحديث وسماجة معناه تدلان على وضعه ومنها ركاكة ألفاظ الحديث وسماجتها بحيث يمجها السمع ويدفعها الطبع 106 - كحديث أربع لا تشبع من أربع أنثى من ذكر وأرض من مطر وعين من نظر وأذن من خبر 107 - وحديث ارحموا عزيز قوم ذل وغني قوم افتقر وعالما تلاعب به الصبيان 108 - وحديث لا تستشيروا الحاكة والأساكفة والصواغين أو صنعة من الصنائع المباحة فكذب على رسول الله ﷺ إذ لا يذم الله ورسوله الصنائع المباحة

109 - ومن ذلك حديث من فارق الدنيا وهو سكران دخل القبر سكران وبعث من قبره سكران وأمر به إلى النار سكران إلى جبل أو نهر يقال له سكران 110 - وحديث إن لله ملكا اسمه عمارة على فرس من ياقوت طوله مد بصره يدور في البلدان ويقف في الأسواق ينادي ليغلو كذا وكذا وليرخص كذا وكذا 111 - وحديث إن لله ملكا من حجارة يقال له عمارة فينزل على حمار من حجارة كل يوم فيسعر

فصل أحاديث ذم السودان كلها كذب ومنها أحاديث ذم الحبشة والسودان كلها كذب 112 - كحديث دعوني من السودان إنما الأسود لبطنه وفرجه 113 - وحديث الزنجي إذا شبع زنا وإذا جاع سرق 114 - وحديث إياكم والزنج فإنه خلق مشوه 115 - وحديث رأى طعاما فقال لمن هذا فقال العباس للحبشة أطعمهم قال لا تفعل إنهم إن جاعوا سرقوا وإن شبعوا زنوا

فصل أحاديث ذم الترك والخصيان والمماليك موضوعة ومنها أحاديث ذم الترك وأحاديث ذم الخصيان وأحاديث ذم المماليك 116 - كحديث لو علم الله في الخصيان خيرا لأخرج من أصلابهم ذرية يعبدون الله 117 - وحديث شر المال في آخر الزمان المماليك

فصل في الأحاديث الموضوعة قرائن تدل على بطلانها ومنها ما يقترن بالحديث من القرائن التي يعلم بها أنه باطل 118 - مثل حديث وضع الجزية عن أهل خيبر فهذا كذب من عدة وجوه أحدها أن فيه شهادة سعد بن معاذ وسعد توفي قبل ذلك في غزاة الخندق وثانيها أن فيه وكتب معاوية بن أبي سفيان هكذا ومعاوية إنما أسلم زمن الفتح وكان من الطلقاء وثالثها أن الجزية لم تكن نزلت حينئذ ولا يعرفها الصحابة ولا العرب وإنما أنزلت بعد عام تبوك وحينئذ وضعها النبي ﷺ على نصارى نجران ويهود اليمن ولم تؤخذ من يهود المدينة لأنهم وادعوه قبل نزولها ثم قتل من قتل منهم وأجلى بقيتهم إلى خيبر وإلى الشام وصالحه عليه السلام أهل خيبر قبل فرض الجزية فلما نزلت آية الجزية استقر الأمر على ما كان عليه وابتدأ ضربها على من لم يتقدم له معه عليه السلام صلح فمن ها هنا وقعت الشبهة في أهل خيبر

رابعها أنه فيه أنه وضع عنهم الكلف والسخر ولم يكن في زمانه كلف ولا سخر ولا مكوس خامسها أنه لم يجعل لهم عهدا لازما بل قال نقركم ما شئنا فكيف يضع عنهم الجزية التي يصير لأهل الذمة بها عهد لازم مؤبد ثم لا يثبت لهم أمانا لازما مؤبدا سادسها أن مثل هذا من تتوفر الهمم و الدواعي على نقله فكيف يكون قد وقع ولا يكون علمه عند حملة السنة من الصحابة والتابعين وأئمة الحديث وينفرد بعلمه ونقله اليهود سابعها أن أهل خيبر لم يتقدم لهم من الإحسان ما يوجب وضع الجزية عنهم فإنهم حاربوا الله ورسوله قاتلوه وقاتلوا أصحابه وسلوا السيوف في وجوههم وسموا النبي صل الله عليه وسلم وآووا أعداءه المحاربين له المحرضين على قتاله فمن أين يقع هذا الاعتناء بهم وإسقاط هذا الفرض الذي جعله الله عقوبة لمن لم يدن منهم بدين الإسلام ثامنها أن النبي ﷺ لم يسقطها عن الأبعدين عنه مع عدم معاداتهم له كأهل اليمن وأهل نجران فكيف يضعها عن

الخيبريين الأدنين مع شدة معاداتهم له وكفرهم وعنادهم ومن المعلوم أنه كلما اشتد كفر الطائفة وتغلظت عداوتهم كانوا أحق بالعقوبة لا بإسقاط الجزية تاسعها أن النبي ﷺ لو أسقط الجزية عنهم كما ذكروا لكانوا من أحسن الكفار حالا ولم يحسن بعد ذلك أن يشترط لهم إخراجهم من أرضهم وبلادهم متى شاء فإن أهل الذمة الذين يقرون بالجزية لا يجوز إخراجهم من أرضهم و ديارهم ما داموا ملتزمين لأحكام الذمة فكيف إذا روعي جانبهم بإسقاط الجزية وأعفوا من الصغار الذي يلحقهم بأدائها فأي صغار بعد ذلك أعظم من نفيهم من بلادهم وتشتيتهم في أرض الغربة فكيف يجتمع هذا وهذا عاشرها أن هذا لو كان حقا لما اجتمع أصحاب رسول الله ﷺ والتابعون والفقهاء كلهم على خلافه وليس في الصحابة رجل واحد قال لا تجب الجزية على الخيبرية لا في التابعين ولا في الفقهاء بل قالوا أهل خيبر وغيرهم في الجزية سواء وعرضوا بهذا الكتاب المكذوب وقد صرحوا بأنه كذب

كما ذكر ذلك الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب والقاضي أبو يعلى وغيرهم وذكر الخطيب البغدادي هذا الكتاب وبين أنه كذب من عدة وجوه وأحضر هذا الكتاب بين يدي شيخ الإسلام وحوله اليهود يزفونه ويجلونه وقد غشي بالحرير و الديباج فلما فتحه وتأمله بزق عليه وقال هذا كذب من عدة أوجه وذكرها فقاموا من عنده بالذل والصغار

جوامع وضوابط للأحاديث الموضوعة فصل في ذكر جوامع وضوابط كلية في هذا الباب 119 - فمنها أحاديث الحمام بالتخفيف لا يصح منها شيء كحديث كان يعجبه النظر إلى الحمام 120 - وحديث كان يحب النظر إلى الخضرة والأترج والحمام الأحمر 121 - وحديث شكا رجل إلى رسول الله ﷺ الوحدة فقال له لو اتخذت زوجا من حمام فآنسك وأصبت من فراخه 122 - وحديث اتخذوا الحمام المقاصيص فإنها تلهي الجن عن صبيانكم

123 - وقال زكريا بن يحيى الساجي بلغني أن أبا البختري دخل على الرشيد وهو يطير الحمام فقال الرشيد هل تحفظ في هذا شيئا فقال حدثني هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي ﷺ كان يطير الحمام فقال الرشيد أخرج عني ثم قال لولا أنه رجل من قريش لعزلته يعني من القضاء 124 - أما غياث بن إبراهيم فكذاب خبيث وهو الذي دخل على المهدي فوجده يلعب بالحمام فروى له لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر أو جناح فلما خرج قال أشهد أن قفاك قفا كذاب على رسول الله ﷺ ثم أمر بذبح الحمام لتسببهن في كذب هذا على رسول الله ﷺ 125 - وأرفع شيء جاء فيها حديث أنه رأى رجلا يتبع حمامة فقال شيطان يتبع شيطانة

فصل أحاديث الدجاج والغنم كلها كذب ومنها أحاديث اتخاذ الدجاج ليس فيها حديث صحيح 126 - كحديث الدجاج غنم فقراء أمتي 127 - وحديث أمر الفقراء باتخاذ الدجاج وأمر الأغنياء باتخاذ الغنم

فصل أحاديث ذم الأولاد كلها كذب ومنها أحاديث ذم الأولاد كلها كذب من أولها إلى آخرها 128 - كحديث لو ربى أحدكم بعد الستين ومئة جرو كلب خير له من أن يربي ولدا 129 - وحديث إذا كان الولد غيظا والمطر قيظا 130 - وحديث لا يولد بعد الست مئة مولود ولله فيه حاجة

فصل أحاديث التواريخ المستقبلة ومنها أحاديث التواريخ المستقبلة وقد تقدمت الإشارة إليها وهي كل حديث فيه إذا كانت سنة كذا وكذا حل كذا وكذا 131 - كحديث يكون في رمضان هدة توقظ النائم وتقعد القائم وتخرج العواتق من خدورها وفي شوال مهمهة وفي ذي القعدة تميز القبائل بعضها من بعض وفي ذي الحجة تراق الدماء 132 - وحديث يكون صوت في رمضان إذا كانت ليلة النصف منه ليلة جمعة يصعق له سبعون ألفا ويصم سبعون ألفا

133 - وحديث عند رأس مئة يبعث الله ريحا باردة يقبض الله فيها روح كل مؤمن 134 - وحديث إذا كانت سنة ثلاثين ومئة كان الغرباء قرآن في جوف ظالم ومصحف في بيت قوم لا يقرأون فيه ورجل صالح بين قوم سوء 135 - وحديث إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومئة خرجت شياطين حبسهم سليمان بن داود في جزائر البحر فذهب منهم تسعة أعشارهم إلى العراق يجادلونهم بالقرآن وعشر بالشام 136 - وحديث إذا كانت سنة خمسين ومئة فخير أولادكم البنات 137 - وحديث إذا كانت سنة ستين ومئة كان كذا وكذا 138 - وحديث أصحابي أهل إيمان وعمل إلى أربعين وأهل بر وتقوى إلى الثمانين وأهل تواصل وتراحم إلى العشرين ومئة وأهل تقاطع وتدابر إلى الستين ومئة ثم الهرج الهرج 139 - وحديث الآفات بعد المئتين 140 - وحديث إذا أتت على أمتي ثلاث مئة وثمانون سنة فقد حلت لهم الغربة والترهب على رؤوس الجبال

فصل أحاديث عاشوراء ومنها أحاديث الاكتحال يوم عاشوراء والتزين والتوسعة والصلاة فيه وغير ذلك من فضائله لا يصح منها شيء ولا حديث واحد ولا يثبت عن النبي ﷺ فيه شيء غير أحاديث صيامه وما عداها فباطل 141 - وأمثل ما فيها حديث من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته قال الإمام أحمد لا يصح هذا الحديث 142 - وأما أحاديث الاكتحال والادهان والتطيب فمن وضع الكذابين وقابلهم آخرون فاتخذوه يوم تألم وحزن

والطائفتان مبتدعتان خارجتان على السنة وأهل السنة يفعلون فيه ما أمر به النبي ﷺ من الصوم ويجتنبون ما أمر به الشيطان من البدع

فصل في أحاديث فضائل سور القرآن ومنها ذكر فضائل السور وثواب من قرأ سورة كذا فله أحر كذا من أول القرآن إلى آخره كما ذكر ذلك الثعلبي والواحدي في أول كل سورة والزمخشري في آخرها قال عبد الله ابن المبارك أظن الزنادقة وضعوها والذي صح في أحاديث السور حديث فاتحة الكتاب وأنه لم ينزل في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور مثلها وحديث البقرة و آل عمران أنهما الزهراوان وحديث آية الكرسي وأنها سيدة القرآن وحديث الآيتين من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه وحديث سورة البقرة لا تقرأ في بيت فيقربه شيطان وحديث العشر آيات من أول سورة الكهف من قرأها عصم من فتنة الدجال وحديث قل هو الله أحد وأنها تعدل ثلث القرآن ولم يصح في فضائل سورة ما صح فيها وحديث المعوذتين وأنه ما تعوذ المتعوذون بمثلهما وقوله ﷺ أنزل علي آيات لم ير مثلهن ثم قرأهما

ويلي هذه الأحاديث وهي دونها في الصحة حديث إذا زلزلت تعدل نصف القرآن وحديث قل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن وحديث تبارك الذي بيده الملك هي المنجية من عذاب القبر 143 - ثم سائر الأحاديث بعد كقوله من قرأ سورة كذا أعطي ثواب كذا فموضوعة على رسول الله ﷺ وقد اعترف بوضعها واضعها وقال قصدت أن أشغل الناس بالقرآن عن غيره وقال بعض جهلاء الوضاعين في هذا النوع نحن نكذب لرسول الله ﷺ ولا نكذب عليه ولم يعلم هذا الجاهل أنه من قال عليه ما لم يقل فقد كذب عليه واستحق الوعيد الشديد

فصل ما وضع في فضائل الصديق رضي الله عنه قد وضع جهلة المنتسبين إلى السنة في فضائل الصديق رضي الله عنه 144 - حديث إن الله يتجلى للناس عامة يوم القيامة ولأبي بكر خاصة 145 - وحديث ما صب الله في صدري شيئا إلا صببته في صدر أبي بكر 146 - وحديث وكان إذا اشتاق إلى الجنة قبل شيبة أبي بكر 147 - وحديث أنا وأبو بكر كفرسي رهان 148 - وحديث إن الله لما اختار الأرواح اختار روح أبي بكر 149 - وحديث عمر كان رسول الله ﷺ وأبو بكر يتحدثان وكنت أنا كالزنجي بينهما 150 - وحديث لو حدثتكم بفضائل عمر عمر نوح في قومه ما فنيت وإن عمر حسنة من حسنات أبي بكر 151 - وحديث ما سبقكم أبو بكر بكثرة صوم ولا صلاة وإنما سبقكم بشيء وقر في صدره وهذا من كلام أبي بكر بن عياش

فصل ما وضع في فضائل علي رضي الله عنه 152 - وأما ما وضعه الرافضة في فضائل علي فأكثر من أن يعد قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في كتاب الإرشاد وضعت الرافضة من فضائل علي رضي الله عنه وأهل البيت نحو ثلاث مئة ألف حديث ولا تستبعد هذا فإنك لو تتبعت ما عندهم من ذلك لوجدت الأمر كما قال

فصل ما وضع في فضائل معاوية بن أبي سفيان 153 - ومن ذلك ما وضعه بعض جهلة أهل السنة في فضائل معاوية بن أبي سفيان قال اسحاق بن راهويه لا يصح في فضائل معاوية بن أبي سفيان عن النبي ﷺ شيء قلت ومراده ومراد من قال ذلك من أهل الحديث إنه لم يصح حديث في مناقبه بخصوصه وإلا فما صح عندي في مناقب الصحابة على العموم ومناقب قريش فمعاوية رضي الله عنه داخل فيه

فصل ما وضع في مناقب أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله تعالى 154 - ومن ذلك ما وضعه الكذابون في مناقب أبي حنيفة والشافعي على التنصيص على اسميهما وكذا ما وضعه الكذابون أيضا في ذمهما عن رسول الله ﷺ وما يروى من ذلك كله كذب مختلق

فصل أحاديث المناقب والمثالب ومن ذلك الأحاديث في ذم معاوية 155 - وكل حديث في ذمه فهو كذب 156 - وكل حديث في ذم عمرو بن العاص فهو كذب 157 - وكل حديث في ذم بني أمية فهو كذب 158 - وكل حديث في مدح المنصور والسفاح والرشيد فهو كذب 159 - وكل حديث فيه ذم يزيد بن معاوية فكذب وكذلك أحاديث ذم الوليد وذم مروان بن الحكم 160 - وكذا كل حديث في مدح بغداد وذمها والبصرة والكوفة ومرو وقزوين وعسقلان والاسكندرية ونصيبين وأنطاكية فهو كذب 161 - وكذا كل حديث في تحريم ولد العباس على النار فهو كذب 162 - وكل حديث في ذكر الخلافة في ولد العباس 163 - وكذا كل حديث في مدح أهل خراسان الخارجين مع عبدالله بن علي وولد العباس فهو كذب

164 - وكذا حديث عدد الخلفاء من أولاد العباس كذب 165 - وكذا كل حديث أن مدينة كذا وكذا من مدن الجنة أو من مدن النار فهو كذب 166 - وحديث ذم أبي موسى من أقبح الكذب 167 - وحديث نظر رسول الله ﷺ إلى معاوية وعمرو بن العاص فقال أركسهما في الفتنة ركسا ودعهما إلى النار دعا كذب مختلق

فصل أحاديث موضوعة في علم الكلام 168 - وكذا كل حديث فيه أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص فكذب مختلق 169 - وقابل من وضعهما طائفة أخرى فوضعوا أحاديث على رسول الله ﷺ أنه قال الإيمان يزيد وينقص وهذا كلام صحيح وهو إجماع السلف حكاه الشافعي وغيره ولكن هذا اللفظ مكذوب على رسول الله ﷺ 170 - وهو مثل إجماع الصحابة والتابعين وجميع أهل السنة وأئمة الفقه على أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق وليست هذه الألفاظ حديثا عن رسول الله ﷺ ومن روى ذلك عنه فقد غلط

فصل أحاديث موضوعة في الوضوء 171 - وكل حديث في التنشيف بعد الوضوء فإنه لا يصح 172 - وكذا حديث مسح الرقبة في الوضوء باطل 173 - وأحاديث الذكر على أعضاء الوضوء كلها باطلة ليس فيها شيء يصح 174 - وأقرب ما روي فيها أحاديث التسمية على الوضوء وقد قال الإمام أحمد لا يثبت في التسمية على الوضوء حديث انتهى ولكنها أحاديث حسان 175 - وكذلك حديث التشهد بعد الفراغ من الوضوء

وقول المتوضئ أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين 176 - وفي حديث آخر رواه بقي بن مخلد في مسنده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فهذا الذكر بعده والتسمية قبله هو الذي رواه أهل السنن والمسانيد

فصل في الحيض ومن عليه صلاة 177 - وكذلك تقدير أقل الحيض بثلاثة أيام وأكثره بعشرة ليس فيها شيء صحيح بل كله باطل 178 - وكذلك حديث لا صلاة لمن عليه صلاة قال إبراهيم الحربي سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال لا أعرفه قال الحربي ولا سمعت أنا بهذا في حديث رسول الله ﷺ

فصل أحاديث موضوعة متفرقة ومن الأحاديث الباطلة 179 - حديث من بشرني بخروج نيسان ضمنت له الجنة 180 - وحديث من آذى ذميا فقد آذاني 181 - وحديث يوم صومكم يوم نحركم يوم رأس سنتكم 182 - وحديث للسائل حق وإن جاء على فرس

قال الإمام أحمد أربعة أحاديث تدور في الأسواق لا أصل لها عن رسول الله ﷺ فذكر هذه الأحاديث الأربعة 183 - ومن ذلك حديث لولا كذب السائل ما أفلح من رده قال العقيلي ليس في هذا الباب شيء يثبت عن النبي ﷺ 184 - ومن ذلك حديث طلب الخير من الرحماء ومن حسان الوجوه قال العقيلي ليس في هذا الباب شيء يثبت عن النبي ﷺ 185 - ومن ذلك أحاديث التحذير من التبرم بحوائج الناس ليس فيها شيء صحيح قال العقيلي وقد روي في هذا الباب أحاديث ليس فيها شيء يثبت 186 - وكذلك حديث السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة والبخيل عكسه قال الدارقطني لا يثبت فيها حديث بوجه

187 - ومن ذلك أحاديث السراري كحديث اتخذوا السراري فإنهن مباركات الأرحام قال العقيلي لا يصح في السراري عن النبي ﷺ شيء

فصل كليات في الموضوعات 188 - ومن هذا أحاديث مدح العزوبة كلها باطلة 189 - ومن ذلك أحاديث النهي عن قطع السدر قال

العقيلي لا يصح في قطع السدر شيء وقال أحمد ليس فيه حديث صحيح 190 - ومن ذلك ما تقدمت الإشارة إلى بعضه من أحاديث مدح العدس والأرز والباقلاء والباذنجان والرمان والزبيب والهندباء والكراث والبطيخ والجوز والجبن والهريسة وفيها جزء كله كذب من أوله إلى آخره 191 - وأقرب ما جاء فيها حديث أفضل طعام الدنيا والآخرة اللحم وقال العقيلي لا يصح في هذا المتن عن النبي ﷺ شيء

192 - ومن هذا حديث النهي عن قطع اللحم بالسكين فإنه من صنع الأعاجم قال الإمام أحمد ليس بصحيح 193 - وكان رسول الله ﷺ يحتز من لحم الشاة ويأكل 194 - ومن ذلك أحاديث النهي عن الأكل في السوق كلها باطلة قال العقيلي لا يثبت في هذا الباب شيء عن النبي ﷺ 195 - ومن ذلك أحاديث البطيخ وفضله وفيه جزء وقال الإمام أحمد لا يصح في فضل البطيخ شيء إلا أن رسول الله ﷺ كان يأكله

فصل أحاديث فضائل الأزهار والديكة 196 - ومن ذلك أحاديث فضائل الأزهار كحديث فضل النرجس والورد والمرزنجوش والبنفسج والبان كلها كذب 197 - ومن ذلك أحاديث فضائل الديك كلها كذب إلا حديثا واحدا إذا سمعتم صياح الديك فاسألوا الله من فضله وقد تقدم ذلك

فصل أحاديث الحناء لا يصح منها شيء ومن ذلك أحاديث الحناء وفضلها والثناء عليها وفيه جزء لا يصح منه شيء 198 - وأجود ما فيه حديث الترمذي أربع من سنن المرسلين السواك والطيب والحناء وسمعت شيخنا أبا الحجاج المزي يقول هذا غلط من بعض الرواة وإنما هو الختان بالنون كذلك رواه المحاملي عن شيخ الترمذي قال والظاهر أن اللفظة وقعت في آخر السطر فسقطت منها النون فرواها بعضهم الحناء وبعضهم الحياء وإنما هو الختان 199 - وصح حديث الخضاب بالحناء والكتم

200 - ومن ذلك التختم بالعقيق قال العقيلي لا يثبت في هذا شيء عن النبي ﷺ 201 - ومن ذلك حديث النهي أن تقص الرؤيا على النساء قال العقيلي لا يحفظ من وجه يثبت

فصل لا يدخل الجنة ولد زنا وتأويل ذلك 202 - ومن ذلك أحاديث لا يدخل الجنة ولد زنا قال أبو الفرج ابن الجوزي وقد ورد في ذلك أحاديث ليس فيها شيء يصح وهي معارضة بقوله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى الإسراء 55 قلت ليست معارضة لها إن صحت فإنه لم يحرم الجنة بفعل والديه بل لأن النطفة الخبيثة لا يتخلق منها طيب في الغالب ولا يدخل الجنة إلا نفس طيبة فإن كانت في هذا الجنس طيبة دخلت الجنة وكان الحديث من العام المخصوص

203 - وقد ورد في ذمه أنه شر الثلاثة وهو حديث حسن ومعناه صحيح بهذا الاعتبار فإن شر الأبوين عارض وهذا نطفة خبيثة وشره من أصله وشر الأبوين من فعلهما

فصل في أحاديث مشهورة لا تصح 204 - ومن ذلك حديث ليس لفاسق غيبة قال الدارقطني والخطيب قد روي من طرق وهو باطل 205 - ومن ذلك أحاديث النهي عن سب البراغيث قال العقيلي لا يصح في البراغيث عن النبي ﷺ شيء

206 - ومن ذلك أحاديث اللعب بالشطرنج إباحة وتحريما كلها كذب على رسول الله ﷺ وإنما يثبت فيه المنع من الصحابة 207 - ومن ذلك حديث لا تقتل المرأة إذا ارتدت قال الدارقطني لا يصح هذا الحديث عن النبي ﷺ 208 - ومن ذلك حديث من أهديت إليه هدية وعنده جماعة فهم شركاؤه قال العقيلي لا يصح في هذا الباب شيء وقال البخاري في صحيحه باب من أهدي له هدية وعنده جلساء فهو أحق قال ويذكر عن ابن عباس أن جلساءه شركاؤه ولم يصح 209 - ومن ذلك حديث إن عبدالرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا قال شيخنا لا يصح عن النبي ﷺ

210 - ومن ذلك أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد كلها باطلة على رسول الله ﷺ 211 - وأقرب ما فيها حديث لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم البدلاء كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلا آخر ذكره أحمد ولا يصح أيضا فإنه منقطع

فصل أحاديث موضوعة في أحكام الصلاة ومن ذلك أحاديث المنع من رفع اليدين في الصلاة عند الركوع والرفع منه كلها باطلة على رسول الله ﷺ لا يصح منها شيء 212 - كحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ألا أصلي بكم صلاة رسول الله ﷺ قال فصلى فلم يرفع يديه إلا في أول مرة قال ابن المبارك قد ثبت حديث سالم عن أبيه يعني في الرفع ولم يثبت حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه 213 - وكحديث الآخر صليت مع رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر فلم يرفعوا إلا عند افتتاح الصلاة وهو منقطع لا يصح 214 - وحديث يزيد بن أبي زياد عن ابن أبي ليلى عن

البراء أن رسول الله ﷺ كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود قال الشافعي ذهب بعض الناس إلى تغليط يزيد وقال الإمام أحمد هذا حديث واه وقال يحيى ابن أبي زياد ضعيف الحديث وقال ابن عدي ليس بذاك وضعف هذا الحديث جمهور أهل الحديث وقالوا لا يصح 215 - وحديث وكيع عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ح وعن نافع عن ابن عمر قالا قال رسول الله ﷺ ترفع الأيدي في سبع مواطن عند افتتاح الصلاة واستقبال القبلة والصفا والمروة والموقفين والجمرتين لا يصح رفعه والصحيح وقفه على ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم

216 - وحديث أورده البيهقي في الخلافيات من رواية عبدالله بن عوف الجزار حدثنا مالك عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي ﷺ كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود ومن شم روائح الحديث على بعد شهد بالله أنه موضوع 217 - وحديث ابن الزبير كان رسول الله ﷺ يرفع يديه في أول الصلاة ثم لا يرفعها وهو موضوع 218 - وحديث وضعه محمد بن عكاشة الكرماني عن أنس رضي الله عنه موقوفا من رفع يديه في الركوع فلا صلاة له قبح الله واضعه

فصل حديث دعوة الناس بأمهاتهم يوم القيامة باطل 219 - ومن ذلك حديث إن الناس يوم القيامة يدعون بأمهاتهم لا بآبائهم وهو باطل 220 - والأحاديث الصحيحة بخلافه قال البخاري في صحيحه باب يدعى الناس يوم القيامة بآبائهم ثم ذكر حديث ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته يقال هذه غدرة فلان بن فلان وفي الباب أحاديث أخرى غير ذلك

فصل أحاديث متفرقة 221 - ومن ذلك حضور رسول الله ﷺ مجلسا للفقراء ورقص حتى شق قميصه فلعن الله واضعه ما أجرأه على الكذب السمج 222 - وحديث لو أحسن أحدكم ظنه بحجر لنفعه وهو من وضع المشركين عباد الأوثان 223 - وحديث اتخذوا مع الفقراء أيادي فإن لهم دولة يوم القيامة موضوع 224 - وحديث من عشق فكتم وعف فمات فهو شهيد موضوع على رسول الله ﷺ 225 - وحديث من أكل مع مغفور له غفر له موضوع أيضا وغاية ما روي فيه أنه منام رآه بعض الناس 226 - وحديث من قص أظفاره مخالفا لم ير في عينيه رمدا من أقبح الموضوعات 227 - وحديث إذا دعت أحدكم أمه وهو في الصلاة فليجب وإذا دعاه أبوه فلا يجب يرويه عبدالعزيز بن أبان القرشي

الأموي قال البخاري تركوه وقال ابن معين وغيره كذاب روى أحاديث موضوعة 228 - وحديث جابر في التشهد وفي أوله بسم الله التحيات لله يرويه حميد بن الربيع عن أبي عاصم عن ابن جريج عن أبي الزبير عنه قال ابن معين حيمد هذا كذاب وقال النسائي ليس بشيء تم الكتاب والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم مدة ذكر الذاكرين وسهوة الغافلين والحمد لله رب العالمين

كتاب الفتن لنعيم بن حماد المروزي رحمه الله تعالى من 1 الي 2001 -

      مكتبة العلوم الشاملة https://sluntt.blogspot.com/ الاثنين، 21 فبراير 2022 كتاب الفتن لنعيم بن حماد المروزي رحمه الله تعالى من...